شأنُ معظمِ العرب والمسلمين أحبُّ أوباما وفلسطين، لكنّ حبي لفلسطين أقوى وأشد. والحاصل أن الرئيس الأمريكي عاد لدغدغة مشاعرنا، مؤكدًا على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967. وفور انتهائه من كلمته التي خاطب فيها الشرق الأوسط كله، وفيما كنّا نُعد العدّة، ونمنّي النّفس بقرب الحصول على تأشيرات فلسطينية لزيارة المسجد الأقصى، كان الرئيس أوباما يتوجّه بكلمة أخرى لمؤتمر لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) مدخلاً بعض التعديلات على شكل الدولة الفلسطينية المأمولة، وفاتحًا الباب أمام إمكانية حدوث تغيير ديمغرافي، وسكاني على الحدود. لقد كان من الممكن أن نلتمس العذر لأوباما، وهو يتحفّظ على المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس، وعلى مطالبته للأخيرة بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، كما كان يمكن أن نخدع أنفسنا كالمعتاد، بأن ظروف الانتخابات، والخوف من اللوبي اليهودي تدفعان الرئيس لأن يضع من الاشتراطات ما يمكّنه من المواجهة. لكن مسارعة الرجل بفتح المجال أمام التلاعب الإسرائيلي للعبث بالأرض، يجعلنا نقول إنه خاطبنا بوجه، وخاطب الإسرائيليين بوجه آخر! والدليل على ذلك أننا صفّقنا له كثيرًا، وأن الإسرائيليين بعد زيارة نتانياهو لواشنطن، وبعد خطاب (إيباك) صفّقوا لأوباما أكثر، وهذان أمران لا يستقيمان، وإلاّ لم تكن هناك مشكلة. لقد بالغ الرئيس الأمريكي في شرحه لموقفه من القضية حتى بدا الشرح وكأنه اعتذار، ومن ذلك قوله: “إن السلام لا يمكن أن يُفرض على إسرائيل”، و“إن الاتفاق بين فتح وحماس عقبة أمام السلام”، و“إننا لا يمكن أن نتوقّع أن تتفاوض دولة مع منظمة إرهابية”، و“إننا نتفهّم التحدّيات التي تواجه إسرائيل”. وحتى ينتزع التصفيق الحاد من قادة (إيباك) قال أوباما: إنه حدث تفسير خاطئ لكلامه عن دولة فلسطينية بحدود 67، مؤكدًا أنه طرح تبادل الأراضي، وهذا التبادل سيؤدي إلى ترسيم للحدود، يختلف عن ذلك الذي كان قائمًا عام 67، بعد أخذ الحقائق الديمغرافية على الأرض.. نوّرت المحكمة فخامة الرئيس!