يُشكر لعكاظ نشرها تحقيقا (5 مايو) عن الفتيات اللائي تنتهي بهن الحال إلى زواج بالإكراه، ومن ثم معيشة لا يسودها سوى القهر والكبت، عنوانها الظلم وطابعها الغبن، سرورها حزن وصفاؤها كدر. وهذه عينة مما قالته إحدى هؤلاء المنكوبات: (أبي يريد تزويجي برجل أكرهه ولا أريده...، أشعر بالحزن والكآبة والخوف كلما اقترب موعد الزواج! لقد دمر والدي حياتي ولا أستطيع أن أصرخ وأقول: لا! لأنه عندها سيقف كل أفراد عائلتي ومعارفي ضدي فكيف أعصي أبي وأرفض الرجل). وزادت: (إنني أشعر أن الرجل الغريب أهم لديهم من ابنتهم التي مرضت وتعبت واعتزلت العالم، ومع ذلك لم يعيروني أي اهتمام وضربوا بمشاعري وأحاسيسي وحقي الشرعي والنظامي عرض الحائط). وختمت حديثها بقولها: (أتمنى أن يخطفني الموت قبل أن أدخل عش الزوجية الذي تحول إلى جحيم بفعل والدي هداه الله). ليس في التحقيق جديد سوى إعادة التذكير بهذه الجريمة التي تتكرر صباح مساء، والتي لا نزيد في محاولة القضاء عليها سوى ترديد الكلام نفسه: حرام.. لا يجوز.. انتهاك للحقوق.. مخالف للقوانين.. جهل .. تعنت.. أب آثم.. مذنب.. إلى آخر القائمة التي مللناها حد التشبع والاكتفاء. تصوروا مريضا يعاني من مرض مزمن، علاجه في كل دول العالم تقريبا موجود وفعّال وناجح، في حين يكتفي أطباؤنا هنا بترديد عبارات الشجب واللعن والتنديد بالمرض البغيض، على أمل أن ينتهي ويرحل من الجسد المنهك المتعوب. وحتى نزيد الجرح ملحا نردد كذلك أحاديث نبوية صحيحة تدلل على استنكار هذا الفعل الخاطئ واعتباره مما لا يستقيم شرعا. بالله قولوا لي للمرة الألف: أليس هذا المنكر أولى بالردع والقمع من تلك التي تُعد بجانبه من الصغائر؟ أليس هذا الأب أولى بالمناصحة بالحسنى من آخر قصّر في أداء الصلاة جماعة؟ أوليس هذا الأب أولى بالزجر والردع عن هذا الجور والإجحاف في حق من تولى أمرها بعد فشل سلسلة من المناصحات والمراجعات؟ هل ترانا نعيش لنسمع يوما عن هاتف مخصص لهذا النوع من الشكاوى كما هو حال أنواع أخرى من المنكر؟! وللحديث بقية. [email protected]