( 1 ) صرح المسؤولون بالبيت الأبيض أنهم قرروا عدم نشر صور لزعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن بعد مقتله ، تفاديا لإثارة مشاعر الغضب بين أنصاره ، وحرصا على عدم تحريض هؤلاء على التخطيط لتنفيذ عمليات انتقامية تهدف إلى الثأر لمقتل زعيمهم . الأميركيون يرون بأن عملية القتل ومن ثم التخلص من الجثة بإلقائها في البحر ، لن تحركا مشاعر الغضب في صدور أتباع زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي . كل ما يعتقد الأميركيون بأنه قد يساعد على انفجار مشاعر الغضب ، هو نشر صور الزعيم الإرهابي بعد مقتله ! إذا كان الأميركيون يفكرون فعلا بهذا المنطق ، فإن فشلهم على الصعيد الاستراتيجي في العالم العربي ، سيصبح مفهوما ومبررا جدا . أما إذا كان ما أعلن عنه الأميركيون هو بغرض التمويه فقط ، فإن الضرورة لذلك تبدو غير مفهومة على الاطلاق خصوصا وأن العرب والمسلمين يعرفون بأن الشاة لا يضيرها السلخ بعد الذبح . أحيانا أبدو عاجزا عن فهم هؤلاء الأميركيين. ( 2 ) من الأشياء التي لا يفهمها الأميركيون هذا التعلق الذي تظهره بعض جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق بما فيها روسيا الاتحادية ، بالديكتاتور جوزيف ستالين بوصفه رمزا وطنيا عظيما . الأميركيون والغرب عموما لا يفهمون سر هذا التعلق بالديكتاتور الجورجي الذي تقول بعض التقارير أن ستة ملايين سوفييتي قد قضوا بسبب سياسته القمعية بالإضافة إلى خطته في تحويل المجتمع السوفييتي إلى مجتمع صناعي . لكن شعوب الاتحاد السوفييتي السابق وشعب روسيا الاتحادية ما زالوا يذكرون لستالين أنه قاد الأمة للنصر في الحرب العالمية الثانية . كما أن الشعور القومي لهذه الشعوب ، ما زال يربط بين المرحلة الستالينية وبين الهيبة التي كان يتمتع بها الاتحاد السوفييتي الذي تحول إلى أكبر قوة عظمى إلى جانب أميركا في ذلك الوقت . الذاكرة القومية لأمة ما هي ذاكرة انتقائية تستدعي من مخزونها ما هي في حاجة إليه وتسقط ما لا يخدم احتياجاتها . وبالتأكيد فإن الشعب الروسي ومعه بعض الشعوب السوفييتية ، ما زال يعاني من انكماش هيبته على الصعيد العالمي بعد تفكك الاتحاد السوفييتي . هذا ما لا يفهمه الغرب وما لا يريدون فهمه. [email protected]