ظهر الفساد في البر والبحر. ومن هذا الفساد التدخين الذي يفتك بالألوف يومياً ويفتك بآخرين من غير المدخنين عبر ما يُسمى بالتدخين السلبي. وبالنسبة للمدخنين، فإن الكون لا يتجاوز (طفاية) سجائر كبيرة، إذ يبلغ عدد السجائر التي تُلقى في الشوارع والطرقات وأماكن أخرى 4500 مليار سيجارة من أصل 5600 مليار سيجارة. أي أن هذه الأرض البائسة ببرها وبحرها تهضم يومياً أكثر من 12 مليار سيجارة. ومن أسف أن نسبة ليست بسيطة من هذه المخلفات (المحتوية على حوالي 4000 مادة كيميائية بعضها مسرطنة) تذهب إلى كائنات بريئة مسالمة هي الأسماك في البحار. وإذا كان ثلث الزبالات المجموعة من شواطئ الولاياتالمتحدة مكونة من أعقاب السجائر، فكم يا ترى تبلغ هذه النسبة في بلاد (الواق واق) التي تُصب في شواطئها مياه المجاري ومخلفات المصانع وبقايا ردميات الفلل الفارهة والقصور الشاهقة؟! تلكم هي دراسة عميقة أجراها باحثون متخصصون في الولاياتالمتحدة في جامعة سان دييغو الحكومية! صحيح أن الدراسة كانت معملية إلى حد كبير، أي جُمع فيها السمك وأعقاب السجائر في حاويات مائية، ثم دُرست آثار التلوث على هذه الأسماك فكانت مريعة. وصحيح أن أعقاب السجائر تتحلل بصورة أسرع في البحار والمحيطات، وأن سمومها تكون أقل كثافة في أي بقعة من البحر، إلا أن التأثير الجماعي لهذه السموم لا يمكن إغفاله بالنسبة لصحة الإنسان الذي يتناول هذه الأسماك أو يستمتع بالسباحة في تلك الشواطئ. وإلى إخواننا المدخنين في بلاد الحرمين نقدم لهم التماساً عاجلاً، لا ليتوقفوا تماماً، فتلك من سابع المستحيلات، (وربما أولها)، ولكنها دعوة للتفكير في مدى الضرر الذي يلحقونه بالآخرين لا من البشر الذين يحبونهم فحسب، وإنما حتى العوالم الأخرى التي أصابتها كوارث بسبب عاداتهم غير الحميدة. اليوم ُعلم ضرر التدخين على الأسماك، وهي في قاع البحار، فكيف بالكائنات على الأرض ما علمنا منها وما لم نعلم. وإذا كانت الملائكة تتأذى من أكل الثوم والبصل، فإن من المحتمل أن يكون تأذيها من أصحابنا المدخنين أكبر وأشد!! [email protected]