تتعالى أصوات بعض المثقفين والمثقفات للمطالبة بحقوق المرأة، والمزايدة على وضعها الاجتماعي، ونسبة مشاركتها في مؤسسات العمل المدني؛ ويتباكى أولئك على حالها بكثير من الآهات والتظلم؛ ومع الأسف ذلك ذر للرماد في العيون، فالمرأة السعودية أخذت حقّها بالمساواة مع الرجل في أمور كثيرة، وشاركته في العمل والمناصب، وصولاً إلى رتب عالية في الدولة، لذلك آن الأوان للابتعاد عن تسويق تلك الفوضى الثقافية والفكرية للوصول إلى مآرب أخرى؛ ومن تلك المآرب تحقيق الانفتاح بصوره، وأنماطه المنقولة عن الغرب، دون الأخذ في الحسبان مبادئ المجتمع وقيمه، وربما ثقافته التي نشأ عليها أفراده. ولعل من أبرز المطالبات التي يشهرها ذلك الوسط المتباكي على حال المرأة، قيادتها للسيارة في بلد تجذّرت فيه قيم معينة من الصعب الافتكاك منها، إلاّ بمرور المجتمع بمراحل ثقافية وفق إطار زمني قد يكون طويلاً؛ وبمنأى عن الخوض في المسائل الفقهية، فلها علماؤها وأهلها تعالوا إلى مناقشة الأمر ببساطة ونقول: هل كامل حقوق المرأة تتلخّص وتُختزل في قضية قيادتها للسيارة...؟ بالتأكيد لا، وهل المجتمع السعودي مهيأ للتعايش مع قيادة االمرأة بانضباط كبير؟... أشكُّ في حدوث ذلك! مجتمعنا يا سادة لا يحمل الوعي الكافي لتحقيق الانضباط المروري على مستوى الرجال، فما بالكم بالنساء؟ ليتنا دائمًا نتحدث في رفع مستوى وعي المجتمع، وفهمه لأصول الانضباط والانفتاح بشتى أشكاله، قبل أن نطالب بحقٍّ يرفضه المجتمع لعدم وصوله إلى مرحلة ناضجة من تحقيق الحرية المنضبطة..! ولمثقفات اليمن كلمة في مقالتي الفائتة أشرتُ إلى دور المرأة اليمنية المثقفة في مشاطرة الرجل اليمني كلَّ ما من شأنه الارتقاء بالنهضة الفكرية والمدنية في يمن العروبة والأصالة، وقد تلقيتُ العديد من رسائل التقدير والثناء لما كتبته عبر “المدينة” في ذلك المنحى، وتوقفت عند رسالة للزميلة الأستاذة وداد البدوي، وهي صحافية وناشطة مدنية تمتاز بالرقي في ثقافتها وفكرها واهتمامها الشديد برفعة بلادها من خلال أنشطتها الثقافية والاجتماعية، وحقًّا أنا سعيد بما ذكرته في رسالتها من إشادة، وفي الوقت عينه أجدد المحبة لكل مثقفي ومثقفات اليمن الشامخ، وأدعو الله لليمن، وثقافته، وحضارته العريقة بمزيد من العلو في كنف حياة مدنية زاهية تضمن للمبدعين والمبدعات تسنّم ذروة التطوير والنماء. [email protected]