في الوقت الذي أصبح الاعتماد على الكمبيوتر أمرًا أساسيًّا لدى كثير من الفنانين - وبخاصة الخطاطين منهم- في إنجاز أعمالهم الفنية، تنحاز الفنانة سميرة الأهدل إلى إنجاز أعمالها باليد دون حاجة منها إلى الاستعانة بهذه التقنية المتطورة في أعمالها، مستندة في ذلك إلى فلسفة خاصة كشفت عنها بقولها: من خلال متابعتي للوحات العديد من الخطاطين لمست جنوحهم نحو استخدام الحاسب، ولكني لم أجرب هذا بعد، فأنا أعتمد بشكل أساسي على العمل اليدوي في موضوع الخط العربي، لقناعتي أن الحاسب الآلي يعجز عن إنجاز خطوط لا تتجسد جمالياتها إلاّ باليد، ولهذا فإني استغرب ممن يقولون بأن الحاسب الآلي ألغى دور الخطّاط، فهذا لم يحدث ولن يحدث أبدًا. الأهدل.. لم تقف عند الخط العربي فقد تعددت اتجاهاتها ونوافذها وأصبحت تشارك في عدة مجالات فنية كالتصوير الفوتوغرافي والفن التشكيلي، بجانب الخط العربي الذي تركّز عليه حتى في لوحاتها التشكيلية.. نموذج الثقافة الأصيلة هذا التركيز على الخط ترسم الأهدل ملامحه في سياق قولها: الخط العربي نموذج رائع للثقافة العربية الأصيلة التي لا يمكن أن تندثر، وجمال الخط العربي وحبي له بكل أنواعه هو ما جذبني لدراسته، وقد أضاف لي هذا الضرب من الفنون الكثير من حيث الاهتمام بالعمل الفني وإبراز جوانب الجمال فيه والحرص على اكتمالها، كما علمني الصبر والاهتمام بالزوايا والمقاسات في أي عمل حتى لو كان بعيدًا عن الخط لنخرج في النهاية بنتيجة جمالية رائعة، فالخطاط دائمًا إنسان صبور، وفنان ذو حسّ عالٍ جدًّا وهذا ما شاهدناه ولمسناه في أساتذتنا. تفوّق رجاليّ وحول تفوّق الرجل على المرأة في مجال الخط ترجع الأهدل ذلك بقولها: تفوق الرجل على المرأة في الخط سببه أن الرجل دائمًا هو من يبدأ بممارسة أي عمل في مجتمعنا ثم تأتي بعده المرأة في الأعمال التي يمكن للاثنين ممارستها بحكم أن له الحرية في التعرف والتعلم والتنقل فتكون الأمور بالنسبة له أسهل، فالموهبة موجودة في الجنسين ولكن الظروف هي من تجعل فئة تتفوّق على الأخرى في العدد وليس في الإتجاه أو الإبداع، وفي النهاية لا ضرر من تفوّق أحدهما على الآخر طالما سنجد خطًّا عربيًّا رائعًا نتذوّقه ونستمتع بمشاهدته ويكفي أن نتعلّم منه. وهذا الأمر يقودني إلى الحديث عن قلّة الخطاطات في المملكة والعالم العربي وأرى أن ذلك سببه أنه لم يكن هناك نشر وتوعية لجمال هذا الفن العريق، ومؤخّرًا أصبح هناك اهتمام كبير بهذا المجال واتجه الكثيرون إليه، وأتوقع أن يزيد عدد الخطاطات في العالم العربي والسعودية في الفترة المقبلة نظرًا للاهتمام الذي تجده حاليًا المرأة من كل المهتمين بهذا المجال. أهم المحطات وعن أبرز مشاركاتها في الخط العربي تقول سميرة: شاركت في معارض جماعية متعددة مثل: معرض رمضانيات 1430ه، ومعرض خط ولون في مكةالمكرمةوجدة، ومعرض الخط العربي في المركز السعودي وغيرها؛ ولكن معرضي الشخصي الأول “أبعاد” هو المحطة المهمة بالنسبة لي، ونقطة تحوّل كبيرة في مسيرتي كفنانة، وقد كان الخط العربي يميّز أكثر الأعمال التي قدمتها، فالخط عندما يجتمع مع التشكيل ينتج عنه عمل فني مميّز جدًّا، فأنا أنحاز إلى كل الخطوط وأراها مميزة وقريبة لي؛ ولكن يبقى الخط الديواني هو الأقرب لي والذي أمارسه بكثرة، كما أشير هنا إلى أن الفن بكل أنواعه هو موهبة من الخالق عز وجل، والخط نوع من أنواع الفن الجميلة؛ ولكن لا توجد موهبة يمكن أن تكتمل بدون دراسة أبدًا، والاستفادة من ذوي الخبرة في أي مجال. وفاء وتقدير وتمضي الأهدل في حديثها كاشفة عن دور مركز تسامي في تجربتها ومدى الاستفادة التي تلقتها من الخطاط سعود خان، وموقفها من الاتهام الذي طال بعض الفنانات بأن هناك من يقوم بإنجاز الأعمال لهنّ، حيث تقول سميرة: انضمامي لمركز تسامي أضاف لي الكثير جدًّا، فبدايتي في الخط العربي هي من ذلك المكان، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، ومركز تسامي وخاصة الأستاذ إبراهيم العرافي والأستاذ سعود خان هم أصحاب الفضل الأول بعد الله في كل ما تطوّرت به في مجال الخط وفي كل ما قدمته من أعمال، فقد تعلمت معهم الخط العربي، وقد كانوا خير معلمين دون مقابل إلا الفرح بنجاح طلابهم وتفوّقهم، فبدايتي في تعلم الخط كانت هناك ومستمرة هناك لأن التعلم معهم لا حدود له وعطاؤهم دائما موجود، كما أني أعجز عن التعبير في شكري للأستاذ الفاضل سعود خان، ولو كان في هذا العالم من يعلم الناس بكرم مثل الأستاذ سعود بعطائه في تقديم المعلومة لأصبح عندنا الكثير من الخطاطين الرائعين، ولا توجد أي جملة تفي حق هذا الخطاط المبدع والمعلم الراقي، فله منّا كل الاحترام والتقدير والوفاء. أما بخصوص الاتهام حول وجود بعض الفنانات اللائي يتركن الآخرين للقيام بأعمالهن، فالحق أنها المرة الأولى التي أسمع فيها مثل هذا الاتهام، ولا أظن ذلك صحيحًا أبدًا؛ فالخط متعة لا تحتاج لواسطة، أو أن يقوم أحد بعمل الآخر . وإلا لماذا تدخل هذا المجال أصلاً. الأهدل ، ختمت حديثها متمنية أن أتطور أكثر في هذا مجال الخط العربي، والوصول لجزء من مستوى أساتذتها، وأن تستطيع تجسيد هذا الفن الراقي بصورة تقدمها للناس كما تحب.