مقتل وإصابة العشرات إثر الاشتباكات الدامية التي اندلعت مؤخرًا بين مسلمين وأقباط في حي إمبابة الشعبي بمحافظة الجيزة المصرية، يعتبر مؤشر خطر حقيقي، لا سيما وأنه يأتي بعد أقل من شهرين من حادث الاعتداء على كنيسة في محافظة حلوان، مع ملاحظة أن الحادثين وقعا بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وحيث بات من الواضح أن هنالك العديد من القوى الخفية التي تعمل من وراء الكواليس لإجهاض تلك الثورة من خلال نثر بذور الفتنة بين المسلمين والأقباط. هذه الأحداث المؤسفة بطبيعة الحال لا يمكن أن تصدر عن أشخاص متدينين يعلمون حقيقة دينهم سواء أكانوا مسلمين أو مسيحيين، كما أن الاعتداء على الكنائس لا يقره الإسلام، ويعتبر محاولة مكشوفة لتشويه صورته النقية، ويكفي بهذا الصدد العودة إلى قصة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما تسلم مفاتيح بيت المقدس ورفض أداء الفريضة داخل كنيسة القيامة عندما حضرته الصلاة حتى لا يتخذ المسلمون من ذلك ذريعة فيما بعد للسيطرة على الكنيسة. هذه الأحداث المؤسفة التي تهدف لإشعال حرب أهلية بين المسلمين والأقباط في أرض الكنانة، تتطلب من أبناء الشعب المصري التكاتف والوحدة والتآزر والتآلف فيما بينهم؛ لدرء أى فتن، ولمواجهة العابثين بأمن مصر واستقرارها. كما يتطلب تطبيق القانون بحذافيره على الجميع، ومحاسبة كل من يخطئ أيا كان، والتأكيد على محاسبة من يرتكب جريمة التحريض أو تهييج الجماهير جنائياً بتهمة تعكير السلم الأهلي وزعزعة الأمن، فالمواطن ليس من واجبه فرض القانون بيده، ولا حمل السلاح بدون ترخيص رسمى، ولا تكوين مليشيات لفرض وجهة نظر معينة، ورجال الشرطة مسؤولون عن حفظ الأمن في الشارع وعليهم مسؤولية وواجب تجاه الدين والوطن والمجتمع. لجوء بعض الأقباط إلى السفارة الأمريكية في القاهرة طلبًا للحماية، يدخل أيضًا في إطار التصعيد الذي تهدف إليه قوى التطرف إسلامية كانت أم قبطية، وهو مايخرج عن إطار العمل على حل تلك المشكلة من جذورها لمنع تكرارها والحيلولة دون تمرير الخطط والمؤامرات الخارجية الخبيثة التي لا تريد لمصر الأمن والاستقرار.