· لا شيء كان يهيئني للدخول لأكون طرفا في هذه المأساة سوى تلك الصورة التي نشرتها هذه الجريدة في عددها الصادر يوم الخميس لبعض المواطنين الغاضبين جدا من الزحام والعشوائية والتأخير في صالة الحاسب الآلي بمكتب العمل بجدة، والحقيقة أنني أعرف هذا المكتب جيدا كما أعرف كيف يعمل الموظفون الذين يتحصنون خلف زجاج سميك يمنحك إحساسا غريبا وعجبت جدا من غضب الناس من الزحام وتذمرهم من العشوائية وانتقادهم للتأخير الذي هو بالنسبة لنا أمر عادي جدا، وكيف لا يكون عاديا وحياتنا كلها زحام في زحام ففي الطريق زحام وفي الدوائر الحكومية زحام وفي البنوك زحام والعجيب أنهم يغضبون من مكتب العمل والعمال الذي بالتأكيد مثله مثل كل مكاتب وزاراتنا ومؤسساتنا الحكومية التي يستحيل أن تتخلص من الروتين والبيروقراطية لدرجة أن الزحام يميزنا عن غيرنا من شعوب العالم، لكن أن يكون الغضب هو الشعور السائد والتذمر الحقيقة الصادمة التي دفعت بالمواطنين بالتوجه للجريدة بهدف الوصول للحلول فهذا يعني أن ما عاشوه يوحي بأن هناك خللا كبيرا دفع بهم للشكوى والتذمر بهدف الخلاص من المشكلة. · أرأيتم كيف تحولت كتاباتي تلك التي كانت ذات يوم صارخة ومفرداتي التي لم تكترث قط سوى بالوطن إلى كلمات مهذبة وجمل هي أشبه بالقوافي مع أنني في داخلي حزن كبير من جراء ما يجري للناس الذين أصبحوا يحلمون في خدمة سوبر من خلال أداء متقن لا يكلفهم الوقوف في طوابير الانتظار ولا يقتل فيهم أحلامهم التي يجدونها في المكان الذي لو خيروا لاختاروا البقاء في منازلهم لكنهم مجبرون على ذلك ومن أراد أن يعرف فليذهب لمكتب الاستقدام وصالة الاستقدام تلك الصالة التي تفرض على المراجعين الذهاب بعد صلاة الفجر للحصول على رقم صغير يرحمهم من جحيم الانتظار وهي حقيقة يعرفها الجميع ويعيشها الناس مع الروتين وبالرغم من أن الكل لا يختلف عن مكتب العمل في حكايات الزحام وسوء النظام لأنه ببساطة لا مكان للزمن في حياتنا ولا قيمة له. · (خاتمة الهمزة)... لكل مسؤول وجد في هذه الهمزة بعض ما يغضبه أقول له عفوا لأن كل ما كتبته ليس إلا من أجلك وسأظل أكتب للناس الذين يهمهم أن تكون أنت في خدمتهم وهي خاتمتي ودمتم. [email protected]