عن أبى هريرة رضي الله عنه أن الأقرع بن حابس رضي الله عنه أبصر النبي - صلى الله عليه وسلم- يقبّل الحسن ، فقال: «إن لي عشرةٌ من الولد ما قبّلت واحداً منهم»، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ( إنه من لا يَرحم، لا يُرحم) متفق عليه. وفي رواية المستدرك عن عائشة رضي الله عنها: (أرأيت إن كان الله نزع الرحمة من قلبك فما ذنبي؟) . يأخذني هذا الحديث إلى قضية محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك والرأي بين من يرى ضرورة الصفح والأخذ بمبدأ الرحمة لرجل هرم وهو الآن مريض ويعاني قهر الزمن وتقلب الأحوال. فقراءتي لما يُنشر عن التحقيق مع مبارك وما يُنقل عن ردود فعله حول الأخبار التي تقول بنقله إلى مستشفى في سجن طره تأخذ بي إلى الحد الأعلى من التعاطف مع الرجل، وأذهب في شعوري مع الصديقة الكاتبة نوال مصطفى بأن «مبارك لم يهرب كما فعل بن علي ولم يستمر على حساب دماء المصريين مثل القذافي وصالح والأسد وكان بمقدوره أن يفعل فلماذا لا نحترم فيه هذا الموقف إلى جانب تاريخ لم يكن كله فسادا او عبثا بمقدرات الوطن؟». لكن عندما أقرأ الاتهامات الموجهة له وما سببه للمصريين من أذى جسدي ونفسي من جهة، وما سببه من فقدان مصر لدورها القيادي وتأخرها عن دول كانت تسبقها أنحاز إلى أولئك الذين يرون في محاكمة مبارك ضرورة وطنية. فمن حق الشعب المصري الذي تعرض لأبشع أنواع الظلم والاضطهاد أن يرى من ظلمه يتم تطبيق القانون عليه كأي مواطن آخر. وأرى في كلمات الدكتورة نوال السعداوي «بأن القانون والدستور يجب أن يكونا عادلين، ويجب أن تطبق القوانين على الجميع، وبالتالي عدم حماية القيادات من التقدم لمحاكمة عادلة، وعقابه إذا ثبت تورطه في تهمة قتل المتظاهرين أو سرقة المال أو الفساد أو أية اتهامات أخرى». فإذا كان لنا أن نحكم على الرئيس المصري السابق حسني مبارك من منطلق الرحمة التي خص الله نفسه بتسع وتسعين رحمة وترك لخلقه واحدة يتراحم بها الخلق بينهم. فإن هناك أدلة كثيرة بأن مبارك كان وما زال رحيماً بأولاده حتى أنه قال للمحققين معه أفعلوا بي ما تشاءون ولكن أتركوا أولادي. لكن الرئيس المصري السابق لم يكن مسئولاً عن أبنائه وحدهم بل كان في عنقه مسئولية شعب يُقارب تعداده 85 مليونا .. وهذه المسئولية هي ما يُحاكم عليها. فهل رحَم مبارك أبناء مصر وعدل بينهم كي يتم معاملته بما يستحق من الرحمة؟ وهكذا، تظل قضية محاكمة الرئيس السابق أو «تركه يموت بشئ من الرحمة» .. التي ترى صديقتنا الدكتورة نوال مصطفي بأنها أخلاق المصريين وشيمهم، تظل أمرا راجع للمصريين وحدهم .. وإن كنت أتفق مع الدكتور مصطفى الفقي في أن محاكمة مبارك لها تداعيات داخلية وخارجية، يجب أن تُحسب بطريقة صحيحة، فقد كان رمزاً للدولة لمدة 30 عاماً، ولا يجب أن نُصلح الأخطاء بأخطاء أخرى. [email protected]