شاركتُ الأسبوع الماضي في اجتماعٍ ضمَّ المشرفةَ على المراكز النسائية بجمعية مراكز الأحياء بجدة (د. خديجة الصبان)، مع ما يقارب من أربعين شابَّةً من عضوات المراكز (من مراكز: حي الأمير فواز، والنسيم، والنزلة، والشرفية، والروضة)، وعدد من مسؤولاتها، ورئيسة القسم النسائي بالندوة العالمية للشباب الإسلامي بجدة (أ. هالة نصير). وكان هدف الاجتماع تعاون الجهتين في العمل على تفعيل حملة “ركاز لتعزيز القيم والأخلاق” الثانية عشرة، وعنوانها “تقديرًا لذاتي أعلنتُ احترامي”. وهي حملة خليجية بدأت من الكويت، بقيادة الدكتور محمد العوضي، وانتشرت لتشمل كثيرًا من المدن الخليجية من المنامة ودبي والرياض وجدة ومكة. ولم تسعنا غرفة الاجتماعات في اللجنة النسائية في الندوة العالمية للشباب الإسلامي، لأن عدد الحاضرات تعدَّى العدد المتوقع حضوره، وكلهنّ يردنَ أنْ يكونَ لهنَّ دور في التوعية لتعزيز ونشر هذه القيمة الخلقية الرفيعة بين الشباب في المجتمع. وقد سعدتُ كثيرًا ببنات هذا الوطن، وافتخرت لحماسهنّ لهذه الحملة العظيمة الغاية، واقتراحاتهن الشبابية المبتكرة في تفعيل هذه الرسالة الأخلاقية، في زمن فصل فيه كثير من الناس الدِّين عن الخُلُق في معاملاتهم اليومية، مع أنَّ الغرضَ من بعثته صلى الله عليه وسلم إتمام مكارم الأخلاق. فالحملة ترسّخ الصلة بين الأخلاق والإيمان؛ لأن حُسن الخُلُق من أكثر الوسائل وأفضلها إيصالاً للمرء للفوز بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والظفر بقربه يوم القيامة، حيث يقول: “إنَّ أحبَّكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحسنكم أخلاقًا”. (رواه الترمذي). والبرُّ صفةٌ للعملِ الأخلاقيِّ، أو هو اسمٌ جامعٌ لأنواعِ الخير. ويقول الله سبحانه وتعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ). “البقرة: 177”، وقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: “البرُّ حُسن الخلق”. (رواه مسلم). وللأسف.. أصبح مجتمعنا -كغيره من المجتمعات- يعاني من أمراض أخلاقية بعيدة كل البعد عن الرسالة المحمدية العظيمة، التي حرَّمت التكبّر، وسوء الظن، والكذب، والغش، والخداع.. وأمرت بالتعامل الحسن، وكظم الغيظ، والإحسان، والعدل، والمساواة. وتذكرتُ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم” “يبعث الله على رأس كل مئة سنة مَن يُجدِّد لهذه الأمة أمر دينها”. أتوقع أن هذه الحملة هي إحدى الصحوات الشبابية، بقيادات قلبها على خير أمة أخرجت للناس، بعد 200 عام من الركود والضعف والوهن. وقد صدق الشاعر عندما قال: إنّما الأممُ الأخلاق ما بقيت فإن همُو ذهبت أخلاقهم ذهبوا