اليمن كبير بحكمته، كبير بإيمانه، كبير بتاريخه، وكبير برجاله، لذا لا يمكن أن يضعه شخص أو حزب أو فصيل في جيبه ويغلق عليه مصيره. يقف الرئيس اليمني متردداً بين الرحيل والبقاء، بين الاستجابة لمطالب الشعب أو الخضوع لرغبات الحزب، بين الخوف من البقاء بما فيه من دماء واقتتال محتمل، وبين الرحيل بما فيه من ملاحقات ومحاكمات. إنه الوقوف على حد السيف بين هاوية إلى اليمين وهاوية إلى اليسار، والفرصة المتاحة له اليوم عبر وساطة دول مجلس التعاون قد لا تتاح له في الغد، والضمانات المقدمة له الآن قد لا يجدها بعد حين. كتبت أكثر من مرة أن هذا الرئيس خلق صراعات وغذّاها ليعيش عليها ويرهب بها ويستخدمها في كل مرة يريد أن يتشبث بالكرسي وهي حيلة المتلاعبين. وزير الخارجية الأسبق «عبدالله الأصنج» وهو من هو في السياسة والشأن اليمني يؤكد أن أعضاء القاعدة يتقاضون أعطياتهم من الحكومة، ولا غرابة في ذلك لأنها تستفيد من استضافتهم ويستفيدون من الغطاء الذي تؤمنه لهم، وليس أكثر من طرفي انتهازية يستثمران الظروف المحلية والإقليمية والدولية شأنهما في ذلك شأن الطفيليات. القصر ضيّق مهما كثرت دواوينه، والشارع رحب متسع بتعدد ميادينه، ولن يرجع الشارع إلى الوراء، كما أن القصر لا يستطيع التقدم إلى الأمام، فهي معركة في صالح الشعب وليست في صالح «صالح»، وما من خيار أمامه إلا خيار الرحيل لكنه يتمنّع ليظفر ببعض الوقت، وبمزيد من الضمانات.