نقع جميعاً أسرى أحد الأنماط السلبية أو العادات القهرية السيئة حتى تصبح سلوكا مسيطراً علينا وعلى حياتنا فتؤثّر سلباً عليها. وأياً كانت هذه العادة القهرية فإنها ليست إلاّ إشارة لوجود مشكلة أكبر تحتاج منا إلى معالجتها والاهتمام بها.... فسواء كنت تعاني من مشاعر سلبية تسيطر عليك أو علاقات مدمّرة أو عادات سيئة كالتسويف ، أو إدمان التدخين أو الإفراط في تناول الطعام عند الشعور بالغضب أو الإحباط..أو تقع أسير الشعور بالذنب بطريقة تسيطر عليك وعلى قراراتك أو تمارس أياً من السلوكيات القسرية التي يحرًكها دافع أعمى،فإنك بحاجة إلى مساعدة. لأنك – مثل الكثيرين- تعاني من اضطراب التكرار القهري – الذي يعاني منه بحسب إحدى الدراسات- 45 مليون أمريكي .هذا الاضطراب يجعلنا نعاني من مشكلة تكرار قهري تتمثل في تكرار بعض السلوكيات المؤلمة أو الهدّامة..أو الوقوع تحت سيطرة مشاعر سلبية مما تؤدّي إلى شعورك بالتعاسة. .والحقيقة هي أنه ليس هناك أي فرق سواء كان سلوكك القهري متمثلا في شيء تشربه أو تأكله أو تتعاطاه أو تدخنه أو تشعر به- أو علاقة تنخرط فيها . أو عمل تدمن عليه.. كما أنه قد لا تكون معركتك مع سلوك واحد أو شعور واحد .بل قد تكون أسير عدة سلوكيات أو مشاعر سلبية. والمشكلة لا تقف عند حدّ الوقوع في تكرار هذا السلوك أو غيره..وإنما في إصرارنا على فعل ذلك ..وجهلنا للسبب الرئيس الذي جعلنا أسرى لهذه الأنماط السلوكية أو العلاقات الفاشلة..أو المشاعر السلبية. إن التعاسة- في كثير من الأحيان- ترتدي قناعاً أو عدة أقنعة. والقدرة على الوصول إلى الوعي الفكري والعاطفي بالسبب الذي يدفعنا نحو القيام بتلك السلوكيات هو نقطة البداية التي تأخذنا نحو الشفاء والتحرّر من هذا الأسر وتلك التعاسة المقنّعة. فقد تكون هناك أسباب كثيرة تدفعنا نحو الإصرار على سلوك معين أو بعض السلوكيات – مثل التعوّد.. أو برمجة منذ الطفولة.. أو لوجود تقدير متدنِِ للذات..أو رغبة في التحرّر أو محاولة للتكيف .. أو إرضاءً لتوقعات الوالدين. أو رغبة في الحصول على القبول الاجتماعي كما قد يقف وراء تلك السلوكيات تلذّذ بالألم. وإذا قرّرت أن تكف عن هذا السلوك القهري المتكرر.. ستجد نفسك تقع في دائرة مربكة لك أكثر ..وهي شعورك بأن التغيير صعب..أو أنك تشعر بالراحة ولا تشعر أنك مضطر لأن تتوقّف عما تفعله. أو قد تعطي الأمر حجما أقلّ من حجمه وتسميه بغير اسمه الحقيقي أو قد تشعر بالقلق من أن تقع في وساوس بينما أنت لا تفعل أمراً سيئاً يستحق أن تقلق بشأنه.. ولكي لا تقع في صراع مع رغباتك القهرية في التكرار ينبغي أن تدرك أنك لست وحدك من يفعل ذلك ... وأننا جميعاً يعاني من التكرار القهري مهما كانت صوره.. وأن الكثيرين استطاعوا. بفضل الله أن يتغيرّوا تغيرّاً كبيراً وأنه يمكنك أن تتغير أنت أيضاً.. وتتخلص من تعاسة تتقنّع أمامك بوجوه التعوّد.. أو الشعور بالراحة الوهمية.. وكل ما يلزمك في البداية هي تأملك حالك وحياتك وجلسة صدق مع الذات تصل فيها إلى تحديد السلوك القهري المتكرّر. وإلى الأسباب والدوافع التي تجبرك على تكراره- وفي حالة عدم قدرتك على الوقوف على الأسباب فإنك بحاجة إلى مساعدة معالج نفسي أو مستشار نفسي وليس طبيبا نفسيا. لأن المساعدة الخارجية التي تحتاجها هي مساعدة إرشادية وليست طبية بعقاقير وأدوية.. فلا بد أن نكون قادرين على التفريق بين الطبيب النفسي والمرشد النفسي لكي لا نضل الطريق ونحن نحاول أن نتلمسه...