هذه الكلمة أصبحت لازمة لا تكاد تفارقنا، في الصحافة وفي المذياع وأكثر ما نشاهد في التليفزيون هو هذه العبارة التي انطلقت في تونس فأثمرت، ثم في مصر فأثمرت ولا يزال الناس هناك يعالجون آثار التغيير. هذه العبارة تراوح مكانها في كل من ليبيا واليمن وسوريا، لكن الدماء والأشلاء هي الثمن اليومي، كما أن الجموع التي لا تبارح الشارع، واستهلاك كثير من الموارد البشرية والمالية والإنتاج القومي هي من بين ضحايا إحداث التغيير. التغيير هو المحرك الأساس الذي يجعل للحياة قيمة، وللإنسان في هذه الحياة وظيفة راقية، نشاهده في الكون من حولنا، وفي الفصول في حياتنا، بل يكاد التغيير أن يكون جوهر حياة الإنسان وهي الشيء المستمر. المياه الآسنة لا تصلح للاستخدام الآدمي، ولا للحيواني أحياناً، والأجسام الهامدة تغزوها العلل وينتابها الشلل، والأشجار اليابسة لا تثمر ولا تمنح ظلالاً ولا تستجيب لأنسام الصباح لأنها لا تملك القدرة على التجاوب والتفاعل. الحركة إيجابية بطبيعتها لأنها تكشف جوانب مختلفة للفعل وللسكون أيضاً، وهي ضرورية للأفراد والمجتمعات والمنظمات كي تحقق للحياة غايتها بإنجازات لا تأتي بالخمول والنسق الثابت المألوف، وكم أثمر التغيير ثماراً ما كان للناس أن ينعموا بها لو لم يفكروا ويعملوا ويتنافسوا ويغيروا. تأملت في «الزفاف الملكي» ملكةَ بريطانيا البالغ عمرها (85) عاماً، والتي تولت الحكم قبل (59) عاماً، وتحت سلطتها الشكلية أو الفعلية أكثر من (17) بلداً، بعضها قارات أو شبه قارات، ورأيت أنها قضت في الحكم أكثر من القذافي بكثير وضعف ما مكثه حسني مبارك وقريباً من هذا الضعف لعلي عبدالله صالح. لكنها تركت للناس حرية الحياة التي يريدون ولم تفعل فعلهم في الاستئثار بكل شيء، لم تتركهم يقتاتون الآلام والفراغ السياسي والاقتصادي والمالي بينما هي وحزبها والمقربون منها يستأثرون بكل شيء. إنها المفارقة المذهلة ولذا لم يخرج الناس إلى الشوارع كما خرجوا في هذه البلدان، مرددين كل يوم: الشعب يريد تغيير النظام بل خرجوا فرحين مبتهجين بذلك الزفاف الملكي الجميل.