يصدر معهد الإدارة العامة مجلة شهرية أسماها (التنمية الإدارية)، تتضمن أفكارًا، وآراءً، وتحليلاتٍ، وملخصاتٍ، ودراساتٍ، وأبحاثًا. ومع يقيني بأن المجلة تصل إلى كل مسؤول كبير، إلاّ أن واقع الحال الإداري يؤكد أن قليلاً جدًّا هم الذين يقرأون، ومن هؤلاء قلة قليلة يودّون التغيير والتحسين، ولكن للقرار لا يملكون. وقرأتُ في عدد ربيع الأول المنصرم دراسة عن الازدحام المروري في الرياض العاصمة، وهو زحام لا يدرك أثره المرعب إلاّ مَن يكابده يوميًّا جيئةً وذهابًا. وفي التقرير قيل عن الازدحام أكثر ممّا قاله مالك في الخمر، فالخمر تُسكر وكفى، لكن الازدحام المروري يسبب العاهات التالية: * خسارة اقتصادية قدرها 7 مليارات ريال سنويًّا؛ بسبب الاختناقات المرورية. * خسارة اقتصادية قدرها 7 مليارات ريال سنويًّا بسبب الحوادث المرورية. * استنزاف المواطن ماديًّا ومعنويًّا، أي خسارة للجيب، وتحطيمًا للمعنوية. * اعتلال الصحة العامة للمواطن. * تراجع أداء الموظفين في القطاعين الحكومي والخاص، أي انخفاض مستوى الإنتاجية. * تلويث البيئة بصورة ملحوظة ومتسارعة. * ازدياد معدلات التوتر لدى السائقين؛ ممّا يعني تزايد حالات الإصابة بارتفاع الضغط، والسكري، وأمراض القلب، والتهابات الجهاز التنفسي. وأمّا الحلول، فقد تم طرحها ربما مليون مرة، وما من مجيب. ويبدو أن الكل قد حجز مقعده في مدرجات المتفرجين، فلا حافلات نقل عام محترمة ومنضبطة تشجع المواطن والمقيم على استخدامها، ولا قطارات مترو سترى النور قريبًا، ولا حتى وسائل بسيطة مجربة، مثل تشجيع اشتراك تنقل أكثر من شخص في سيارة واحدة، خاصة عند إيصال الأطفال إلى المدارس، أو عند الذهاب إلى نفس جهة العمل. وفي الاتجاه نفسه تسير جدة، فهي الأخرى تعاني أدواءً مروريةً مزمنةً لا يخفف منها إلاّ نظام حضاري للنقل العام، لا أظن أني سأراه في عين حياتي، لكن ربما بشرت به أحفادي، أو أبناء أحفادي، وما ذلك على الله بعزيز. مشكلتنا المرورية شبيهة إلى حد كبير بمشكلة السيول الأزلية، لن نتحرك لمواجهتها إلاّ عند سقوط الفاس في الراس.. آه يا راسي. [email protected]