حمل اتفاق المصالحة الذي أبرم في القاهرة بين فتح وحماس أمس الأول خبرًا سعيدًا للمواطن العربي في كل مكان رغم التوتر والفوضى التي تسود الأجواء العربية في العديد من بلدان المنطقة ، ورغم توقيع الجانبين على الاتفاق بالأحرف الأولى ووصفه بأنه اتفاق أولي ، وبغض النظر عن الدوافع والظروف التي أرغمت كلا الطرفين على توقيعه ، فإن التوقيع يدعو إلى التفاؤل بإمكانية تفعيل المسيرة النضالية الفلسطينية في اتجاه تحقيق آمال الشعب الفلسطيني لأهدافه الوطنية في المستقبل القريب لأنه لا يمكن عمليًا كسب الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية منقسمة إلى ضفة وقطاع . أهمية الاتفاق الذي يمكن النظر إليه أيضًا على أنه أول انجاز للشقيقة مصر في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير على صعيد استعادة دورها العروبي، أنه جاء في وقته المناسب كونه يسبق توجه السلطة الفلسطينية إلى الأممالمتحدة للحصول على اعتراف دولي بدولة فلسطين المستقلة ضمن حدود 1967 بعاصمتها القدس الشريف ، إلى جانب اعتباره خطوة هامة على طريق إنهاء الانقسام الداخلي الذي عاشه الشعب الفلسطيني على مدى أكثر من خمس سنوات ووفر للمحتل الإسرائيلي الذريعة للهروب من التزاماته إزاء عملية السلام من خلال الترويج لما دأب على ترديده بعدم وجود شريك فلسطيني للسلام . التهديد الذي أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو للرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد توقيعه الاتفاق مع حماس بأن عليه الاختيار بين السلام مع إسرائيل أوالمصالحة مع «حماس»، وكأن حكومته كانت على وشك توقيع اتفاق سلام مع السلطة الوطنية الفلسطينية وجاء ت المصالحة لتلغي ذلك الاتفاق ، هذا التهديد أكد على أن السلطة وحماس اتخذا الخطوة الصحيحة في الطريق الذي يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية على أرض الواقع . الخطوة التالية التي يتعين على فتح وحماس اتخاذها لتحقيق دعائم الوحدة الوطنية الفلسطينية العمل من أجل اكتمال فصول الحوار مع باقي الفصائل الفلسطينية لإقناعها بالتوقيع بعد أخذ ملاحظاتها بعين الاعتبار ، إلى جانب بذل محاولات جادة لاستعادة الثقة بين فئات الشعب الفلسطيني على أرضية صلبة تؤكد حقيقة أن الشعب الفلسطيني شعب واحد له قضية واحدة وآمالاً وأهدافًا واحدة. الاتفاق من هذا المنطلق انجاز مهم على طريق استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية .