انفاذاً لامر خادم الحرمين الشريفين الذي اصدره حفظه الله قبل عامين بشأن الكارثة التي ترتبت على سيول وامطار جدة وراح ضحيتها الكثير من الارواح البشرية والكثير من الاضرار للممتلكات العامة والخاصة اعلنت وزارة الداخلية انطلاقاً من نتائج تقرير اللجنة المكلفة بتقصي الحقائق حول هذه المشكلة عن احالة 302 شخص و30 شخصية اعتبارية تمثل شركات ومؤسسات ومكاتب استشارية الى الجهات المختصة لمباشرة التحقيق معهم وتحديد المسؤولية الجنائية والادارية في تلك الكارثة وهنا وبعد هذا الخبر المفرح لكل المواطنين نتوقف لنقول إن هذه النتيجة التي توصلت اليها لجنة التحقيق تؤكد ان مثل هؤلاء المفسدين لن يهنأوا ولن تقرّ لهم عين بعد ان اتخذوا من كراسيهم منطلقاً لامجاد شخصية ومكاسب مادية ونسوا او تناسوا ان الحقوق لن تضيع وان من يتهاون في اداء الامانة التي أوكلت اليه من قبل ولي الامر سيحاسب عاجلاً ثم اجلاً وان من تسول له نفسه ان يعبث بأمن ومقدرات هذه البلاد فإنه سيقمع بيد من حديد كائناً من كان، هكذا قالها ملك الانسانية عبدالله بن عبدالعزيز رعاه الله. وليعلم مثل هؤلاء الناخرين في جسد الدولة وهم موجودون في مدن اخرى ويمارسون فسادهم بصور مختلفة ومسارب متعددة ان يد العدالة ستطالهم وان العقاب سينالهم وان طالت ايامهم او تضخمت كراسيهم وضللهم الكاسبون من حولهم وليعلم مثل هؤلاء اننا اصبحنا نعيش في عالم مفتوح مكشوف تدون فيه كل شاردة وواردة ولسنا ببعيد عما يدور حولنا من احداث ولسنا بمنأى عنها لاننا جسد واحد هكذا علمنا التاريخ واثبتت لنا الايام وابانت لنا الاحداث صغيرها وكبيرها ان قائدنا ومليكنا الملهم بإذن الله قد فتح باب الكشف والمساءلة والمحاسبة على كل من تسول له نفسه العبث بامن واقتصاد هذه البلاد ومن حوله حكومته الرشيدة التي تسعى بكل جهد لاحقاق الحق ودحض الباطل وقمع المفسد وها نحن نرى مطلع تلك البشائر تتمثل في كشف استار المتهمين في كارثة امطار جدة والتي لم تستثنِ كائناً من كان، وهنا يمكن القول ان كل مواطن في مختلف بقاع هذا الوطن العظيم سيبقى شاخص البصر يترقب ما ستقوم به اليد القاطعة لذلك الفساد لتطال كل من حوله فتقتلع كل جذوره وتقمع كل ممارس له او مساهم في تغذيته وسيظل ذلك المواطن متطلعاً الى ان تطال ايضاً الواناً شتى من الفساد كالمتلاعبين بالاسعار والمتسترين عليهم بعد ان تعالت هيمنتهم وبعد ان جعلوا من اسعار المواد الاستهلاكية ترمومتراً مجنوناً لا يضبطه ضابط ولا يحده نظام. ثم تطال ايدي المتلاعبين بمشاريع الدولة وتحويلها الى مصادر رزق غير مشروعة من خلال آلية مشاريع الباطن القاتلة لكل اتقان والتي نراها اصبحت عملية مكشوفة ومكاتب اصحابها منتشرة في كل ركن من اركان الوطن الكبير. ثم تطال من اتخذ من منصبه الاداري او مكانته الاجتماعية منطلقاً للهيمنة غير المشروعة والاعتداء على الحقوق والحريات والانظمة المؤسسية فنراه يعبث بها تحت مظلة تلك السلطة وهذا الامر تحديداً يستوجب ان تسن له الانظمة والقوانين الرادعة التي تكفل لكل ذي حق حقه لا فرق بين صغير او كبير او رئيس او مرؤوس او فقير او غني حتى نكون بذلك مجتمعاً مؤمناً تساوت فيه اسنان المشط كما قال بذلك رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. وحتى يتحقق لنا جميعاً ذلك المجد الذي نرتقي به الى مصاف العالم الاول الذي ننشده جميعاً فان المتوقع الا يتوقف الامر عند الاعلان عن المفسدين في كارثة امطار جدة بل ان ينسحب ذلك على كل الوان الفساد المنتشرة والا يتوقف الامر عند الاعلان عن الاعداد بل بل الإعلان أيضا عن الاسماء والوان العقاب الذي ناله كل فرد منهم حتى يكون ذلك رادعاً لمن تسول له نفسه العبث بهذا الوطن المعطاء ولعل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي امر بإنشائها خادم الحرمين الشريفين رعاه الله والتي تعد محطة رئيسة في مسيرته الاصلاحية التي بدأها منذ توليه مقاليد الحكم وينتظر ونحن معه من المنتظرين ان نراها تقتلع جذور ذلك الفساد وتجفف ينابيعه والله تعالى من وراء القصد.