طبيبات وأطباء مبتعثين، من قبل جامعة الملك سعود لدراسة الماجستير والدكتوراة، في أمريكا وغيرها من الدول المتقدمة، في تخصصات صحية مختلفة، أرسلوا لي قبل فترة بريدًا «إلكترونيًا» يطالبونني بأن أوصل معاناتهم وصوتهم إلى معالي مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله العثمان؛ لكي يتدخل شخصيًا لحل معاناتهم مع المسؤولين عن الشؤون المالية في الجامعة الموقرة. ولقد تأخرتُ بالرد لانشغالي وغيري من الكتاب بالأحداث والفتن والقلاقل وهذا الطوفان والفوضى التي تعم مناطق من عالمنا العربي، لذلك فإنني أعتذر عن التأخير للأطباء والطبيبات وغيرهم في التخصصات الصحية الأخرى في إيصال معاناتهم ومطالبهم المشروعة. الواقع الأليم يقول لنا: إن هناك طبيبات وأطباء يعاني مجتمعنا عجزًا شديدًا منهم ومن تخصصاتهم النادرة المطلوبة، ويعاملون بهذه المعاملة غير اللائقة بهم بدلًا من دعمهم وتشجيعهم وإعطائهم حقوقهم كاملة التي كفلها لهم النظام اقتداء بمليكنا ووالدنا وحبيبنا أبا متعب، حفظه الله وأسبغ عليه نعمة الصحة والعافية، الذي استثمر وما زال يستثمر في أبنائه وبناته الطالبات والطلاب عندما فتح باب الابتعاث على مصراعيه حتى وصلت أعدادهم إلى قرابة مائة ألف طالب وطالبة ينهلون من مناهل العلم في أرقى الجامعات وفي أكثر الدول تقدمًا. البريد الإلكتروني الذي وصلني من الطبيبات والأطباء من جامعة الملك سعود وغيرها من جامعاتنا الأخرى، في تخصصات صحية مختلفة وغيرهم من المبتعثين والمبتعثات أيضًا لديهم المعاناة نفسها، يقولون الآتي: «جامعة الملك عبدالعزيز والآن جامعة طيبة سينزل لهم بدل ندرة وفق قرار مجلس الوزراء الموقر وجامعتنا جامعة الملك سعود رافضين ذلك؟!! فجامعة الملك عبدالعزيز ينزل لكل مبتعث بدل الندرة كل شهر ما بين (20% إلى 40%) كحد أعلى، يحسب من الراتب الأساسي للدرجة الأولى من السلم وبأثر رجعي لكل مبتعث، ويتراوح الإجمالي بأثر رجعي ما بين (30 - وأكثر من 50 ألف ريال)، أما جامعة طيبة فوافقت على بدل الندرة وسيُصرف للمبتعثين. ونحن أيضًا لم ينزل لنا الراتبين التي أمر بها مليكنا عبدالله بن عبدالعزيز من الجامعة، ولكن الذي نزل فقط من الملحقية، وجامعة الملك خالد بأبها صرفت راتبين لكل مبتعث حسب القرار الملكي الكريم ما عدا جامعتنا جامعة الملك سعود؟!». انتهت رسالة الطبيبات والأطباء. ونحن بدورنا نقول لهم أعانكم الله، (إذا كان ما يقولون صحيحًا بأنه لم يصرف لهم حتى الآن!!)، أعانهم الله على بعض المسؤولين التنفيذيين الذين يتعاملون مع هذه الأمور ببيروقراطية زائدة، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هذا التقصير في إعطاء الحقوق هو من أجل توفير هذا البند (بند الندرة)، الذي وافق عليه مجلس الوزراء الموقر برقم (259) وتاريخ 1/9/1429ه، وترحيله إلى دعم بنود أخرى..؟! أم أنه تعقيد وبيروقراطية تُمارس ضد هؤلاء الأطباء والطبيبات في حين أنه كان من المفترض ألا يتأخر صرف هذا البدل أو راتب الشهرين كاملين أسوة ببقية الموظفين؟!! قلت في مقالات سابقة وعديدة وما زلت أقول: إن التقصير يصدر من بعض المسؤولين التنفيذيين الذين يجعلون خدمة الوطن والمواطن آخر شيء في أولوياتهم، والذين هم في الأساس قد وُضعوا في مناصبهم لخدمة هذا المواطن، وأعطوا المراتب والمرتبات والحوافز لهذه المسؤولية الكبيرة التي أنيطت بهم، لأنهم في حقيقة الأمر أجراء عند الوطن والمواطن. ولكي نؤكد كلامنا السابق بأن بعض المسؤولين التنفيذيين لا ينفذون الأنظمة والتعليمات الصريحة المعطاة لهم، والقاضية بصرف بدل الندرة وراتب الشهرين كاملين للطبيبات والأطباء المبتعثين بجامعة الملك سعود وغيرها من الجامعات، وجود خطاب ينصف الأطباء والطبيبات ويؤكد أحقيتهم ومن في حكمهم من التخصصات الصحية الأخرى لبدل الندرة، موجهًا إلى وكيل جامعة الباحة للدراسات العليا والبحث العلمي من قبل مجلس التعليم العالي، برقم (806/أ) وبتاريخ 6/5/ 1431ه ردًا على خطاب وكيل جامعة الباحة للدراسات العليا والبحث العلمي رقم (6423) وتاريخ 21/3/1431ه بشأن طلب الجامعة الإفادة عن استحقاق عضو هيئة التدريس المبتعث داخليا أو خارجيًا لبدل الندرة وبدل الجامعات الناشئة والتي تضمنها قرار مجلس الوزراء رقم (259) وتاريخ 1/9/1429ه القاضي «بصرف بدل ندرة شهري من (20% إلى 40%) حدًا أعلى يحسب من الراتب الأساسي للدرجة الأولى من السلم........ إلى آخر ما جاء بالخطاب»، والذي خلص فيه مجلس التعليم العالي إلى ما يلي اقتباسًا من الخطاب: «....... وبدراسة الموضوع في ضوء ما أشير إليه فإنه لا يتصور ابتعاث عضو هيئة تدريس عدا ما يتعلق بالاتصال العلمي، أما بالنسبة للمعيد والمحاضر في حال ابتعاث أي منهم داخليًا أو خارجيًا للحصول على درجات علمية فإنهم يستحقون بدل الندرة، حيث إن هذا البدل مرتبط بتخصصهم، أما بالنسبة لبدل الجامعات الناشئة فإنه لا يتم صرفه للمعيد أو المحاضر في حال ابتعاثهم.. إلخ».. انتهى النص المقتبس من الخطاب. ونحن بدورنا نتوجه الآن إلى معالي الدكتور عبدالله العثمان لحل هذه المعضلة، والذي لا يرضي معاليه أن تحدث هذه الأمور لأبنائه المبتعثين والمبتعثات في جامعته التي يديرها، والذي أيضًا لا نشك أبدًا بإخلاصه، وبالتالي نطلب من معاليه ليس فحسب أن يوجه بصفة عاجلة بصرف مستحقات بناتنا وأبنائنا المبتعثين من جامعة الملك سعود لبدل الندرة وراتب الشهرين أسوة ببقية الجامعات التي نفذت الأوامر الملكية الكريمة والقرار الوزاري بل التحقيق مع المتسبب في ذلك ومجازاته ليكون عبرة للآخرين. ونحن هنا أيضا نطلب من هيئة مكافحة الفساد بأن تقوم برصد جميع الأوامر الملكية والقرارات الوزارية والأنظمة والتعليمات وغيرها والتحقق من أن الجهات الحكومية المعنية بها تقوم بتنفيذها وتطبيقها على أكمل وجه ومحاسبة المتقاعسين بل إبعادهم لأن هذا هو الفساد الإداري الذي إذا لم يعالج بكل حزم سوف يقود بدون أدنى شك إلى فساد مالي. طبيبات وأطباء الامتياز والتخصصات الصحية الأخرى هم أيضًا ضحايا لوزارة الخدمة المدنية عندما قامت مع وزارة التعليم العالي ووزارة المالية بتخفيض مكافآت طبيبات وأطباء الامتياز ومن في حكمهم في التخصصات الصحية الأخرى لتصبح نصف ما كانت عليه في السابق على الرغم من النداءات المتكررة الموجهة لهذه الوزارات الموقرة وكانت آخر النداءات لمليكنا عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- عبر مقال كتبته من خلال جريدتنا الموقرة «المدينة» مناشدًا بإعادة ما تم اقتطاعه من مكافآت لبنات ولأبناء لنا، نحن بأمس الحاجة لتخصصاتهم النادرة وتشجيعًا لهم، إلا أن وزارة الخدمة المدنية ما زالت على موقفها. وأخيرًا ندعو الله العلي القدير أن يوفقنا لخدمة البلاد والعباد.. إنه سميع مجيب. [email protected]