تواعد مجموعة من رفاق الدراسة ذات غداة في إحدى المدارس الثانوية بوسط جدة على أن يكون الأربعاء من كل أسبوع يوما ترفيهيا يقضونه خارج أسوار الصرح التعليمي، أما من ناحية المكان الذي سيذهبون إليه استبعدوا جميع الخيارات التي دونها زميلهم أحمد باستثناء الخيار الثالث وهو مقهى الإنترنت المجاور لمدرستهم في حي العمارية (وسط جدة) لأنه المكان المفضل لهم حين هروبهم من المدرسة لوجود امتيازات عدة فيه، من بينها: توفر وسائل الراحة مقابل ثمن بخس يقدر بريالين فقط للساعة الواحدة. وبات من المألوف اليوم أن تجد في معظم أحياء مدينة جدة المحال التي تقدم خدمة الإنترنت أو فيما اصطلح عليه (مقاهي الإنترنت) التي انتشرت كانتشار كالنار في الهشيم حتى أصبحت إحدى محاضن الشباب وملجأ للتنفيس عن أنفسهم وقضاء أوقات فراغهم فيها. وبالرغم من الضوابط التي وضعتها الجهات المختصة في هذا الشأن سواء لإصدار تراخيص تلك المقاهي أو الاشتراطات التشغيلية لها، إلا أنه ما زالت هناك ثمة تجاوزات تنتظر عين الرقابة. ملجأ للطلاب الهاربين يقول الطالب خالد سالم با شماخ: اتفقت وزملائي في المدرسة للهروب من المدرسة كل أربعاء ونلتقي في الصباح خلف المدرسة حيث يوجد مقهى للإنترنت نقضي فيه وقتا لتصفح الإنترنت، مقابل ريالين للساعة الواحدة. وعند سؤالنا له هل علم والدك بذلك؟ أجاب: نعم، علم بعد فترة طويلة عندما أرسلت إدارة المدرسة رسالة نصية إليه تخبره فيها بأنني أتغيب عن المدرسة كل أربعاء، فما كان منه إلا أن نصحني بالاهتمام بالدراسة وترك رفقاء السوء. وعن وجهة نظر ملاك المقاهي في هذا الشأن، قال محمد العبدالله (32 عاما): الكثير من طلبة المدارس يأتونني في الصباح، فأسمح لهم بدخول المقهى كنوع من الاحتضان والاحتواء لهم بدل التسكع في الشوارع والطرقات وربما صادفوا رفقاء سوء فتناولوا المخدرات. أفعال لا أخلاقية وذكر عبدالقادر فوزي( 22 عاما) أنه يرتاد مقاهي الإنترنت يوميا منذ 5 سنوات، وانه شاهد في أحد الأيام بعض الشباب يفعل حركات لا أخلاقية، مطالبا الجهات المسؤولة بتكثيف الرقابة والمتابعة خاصة للمقاهي الواقعة شمال جدة. أما سعد الشهري ( 25عاما) قال إن بعض الشباب يرتادون المقاهي لمشاهدة المواقع الإباحية لتفريغ طاقتهم المكبوتة. السماح للأحداث أما محمد العمودي (33 عاما) وهو إداري في مقهى إنترنت وسط جدة يقول: نحن نتسامح مع من هم دون 18 عاما، خاصة إخوان الأصحاب والزملاء وجيران المقهى فأغلبهم يرتادون المقهى بعلم ذويهم، مضيفا: نتسامح معهم لترغيبهم في الصلاة جماعة معنا. سرقات وذكر محمد خالد العبدالله ( 27عاما) إداري في مقهى إنترنت منذ 7 سنوات: إن من أبرز المواقف التي مرت علي خلال إدارتي للمقهى قيام بعض رواد المقهى بسرقة مستلزمات الحاسب الآلي الداخلية والخارجية كالسماعات إضافة إلى المحافظ الشخصية للزبائن والجوالات، وغيرها. وتابع محمد: قبل فترة ليست ببعيدة قام أحد الزبائن بسرقة مستلزمات حاسب آلي للمحل، ووضعها داخل جيبه وعند خروجه تعثر فسقطت الأدوات المسروقة، وقمنا بإيقاف إحدى الدوريات الأمنية لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحقه. وعبر صلاح محمد الخطيب (20عاما) عن استيائه من مقاهي الإنترنت لسماحها بالتدخين، وقال: أنا مصاب بالحساسية، وفي بعض الأوقات تنقطع عندي خدمة الإنترنت في منزلي، وعندما أهم بالذهاب إلى المقاهي، أشم روائح الدخان التي تنبعث في كل أرجاء المقهى، مما يجعلني أفضل الجلوس دون الإنترنت. وقال عدد من المشرفين في مقاهي الإنترنت بجدة بأنهم يواصلون عملهم بعد الساعة 12 صباحا إلى الساعة 1.30 منتصف الليل، ويوضح محمد العبدالله: أغلب الزبائن يرتادون المقهى بعد انتهاء أعمالهم أي قرابة الساعة 11 مساء لتصفح مواقع الأسهم والبورصة في السوق المحلي، مؤكدا أنه يتم إغلاق باب المقهى في الوقت المحدد رسميا، ولا يتم السماح بدخول من يأتي بعد الساعة 12. ----------------------------------------------------------- إلزام مشغلي مقاهي الإنترنت بإعداد سجل بالمستخدمين وأرقام الهوية قال مدير عام التراخيص والرقابة التجارية بأمانة محافظة جدة د. بشير مصطفى نجم إن اشتراطات تشغيل مقاهي الإنترنت تتضمن إعداد سجل يدوي أو إلكتروني لتسجيل المستخدمين وأرقام هوياتهم وأوقات الاستخدام وحفظها لمدة 6 أشهر، وتثبيت كاميرات سرية داخلية، وعدم السماح لمن تقل أعمارهم عن 18 بالدخول باستثناء من كان برفقة ولي أمره والامتناع عن استخدام الشبكة لأغراض غير مشروعة والامتناع عن تعريض الشبكة الداخلية للخطر بفتح ثغرات أمنية عليها. وأوضح نجم أن لجنة تضم مندوبين من الشرطة والبحث وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووزارة التجارة بالتنسيق مع البلديات الفرعية تقوم بجولات تفتيشية على مقاهي الإنترنت ومن تثبت مخالفته للأنظمة يتم تطبيق الجزاءات المستحقة عليه. ----------------------------------------------------------- باحاذق : منع التصفح ليس مجديا قال الاستشاري الأسري والخبير النفسي د. خالد باحاذق في تصريح ل “المدينة”: إن المشكلة ليست في المقاهي، إنما في كيفية قضاء وقت الفراغ، فالأسرة والمدرسة مسؤولتان عن تنمية ثقافة الشاب من ناحية كيفية الاستفادة من أوقات الفراغ وناشد المسؤولين إلغاء شرط منع الأحداث من دخول مقاهي الإنترنت وقال: كانت نظرة المسؤولين حين وضعوا هذا الشرط هو ضمان عدم تصفح من هم أقل من سن 18 عاما للإنترنت، لكن الآن تصفح الإنترنت ليس مرتبطا بالمقاهي في ظل وجود أجهزة الجوال الحديثة المزودة بخدمة الإنترنت