تدل كافة المؤشرات على أن إسرائيل بصدد شن حرب جديدة على قطاع غزة، وهو ما أمكن الاستدلال عليه من واقع تصريحات كبار مسؤوليها في الآونة الأخيرة، واستغلالهم انشغال المجتمع الدولي بما يسمّى بالربيع العربي، واستمرار الانقسام الفلسطيني للقيام بتلك الحرب التي تطبق فيها سياسة الأرض المحروقة لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه في الحرب السابقة في ديسمبر 2008- يناير 2009 التي قتلت فيها أكثر من 1400، و5000 جريح، و10 آلاف مشرد، ودمرت خلالها 25 ألف منزل، إلى جانب مئات المدارس والمستشفيات والمساجد، التي لم يتم إعادة بنائها حتى الآن؛ بسبب استمرار الحصار الذي لا يزال مضروبًا على القطاع. تصعيد إسرائيل عملياتها العسكرية ضد المدنيين في القطاع خلال الأيام القليلة الماضية، وسقوط عشرات الضحايا من المدنيين الأبرياء بينهم عدد كبير من النساء والأطفال والشيوخ يعطي المؤشر على أن تلك العمليات تعتبر بمثابة البدايات لشن الحرب الجديدة، إلى جانب إعطائها الدليل على افتقار القاضي الدولي ريتشارد غولدستون للمصداقية والنزاهة، ليس فقط في تراجعه الأخير عن تقريره الذي أوضحت صحيفة هآرتس أمس بأنه يمهد الطريق أمام إسرائيل لشن حرب جديدة على غزة، وإنما أيضًا لأن التقرير نفسه الذي رفض السكرتير العام للأمم المتحدة إلغاءه، أو سحبه رغم الضغط الذي مارسه الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز عليه لدى لقائهما أمس الأول، وإنما لأنه ساوى فيه بين الجاني والضحية، فالصواريخ التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية على سيدروت في الحرب السابقة لم تسفر عن خسائر تذكر في الجانب الإسرائيلي، في مقابل القتل الجماعي، والدمار الشامل الذي لحق بأهالي القطاع نتيجة استخدام إسرائيل لترسانتها الضخمة من الأسلحة الفتاكة جوًا وبرًا وبحرًا، بما وضع أكثر من تساؤل حول الفارق الشاسع في استخدام إسرائيل المفرط للقوة بحق المدنيين الأبرياء العزل الذي يدينه القانون الدولي، وبين شعب شبه أعزل لا يزال يقع تحت وطأة الحصار الظالم، والعدوان الإسرائيلي شبه اليومي. ليس من شك في أن أبلغ رد على العدوان الإسرائيلي المتواصل، والحرب الجديدة المتوقعة على القطاع ليس إطلاق الفصائل المزيد من الصواريخ، ولا الهدنة، وإنما إتمام المصالحة؛ لأنها السلاح الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى إنهاء الحصار، والعدوان، والاحتلال.