تواجه بعض الدول العربية تسونامي من الثورات والاحتجاجات والإصلاحات السياسية والاجتماعية، ونحن في المملكة العربية السعودية بقيادة مليكنا عبدالله بن عبدالعزيز نشهد إصلاحات لم نر مثيلها من قبل، فمن قرارات إصلاحية ملكية تمس حياة المواطن، إلى تأسيس هيئة لمكافحة الفساد، إلى تطور تاريخي غاية في الأهمية أُحب أن أُشارككم فيه، لأنه يُبشِّر بكل خير، فقد نشرت جريدة المدينة في العدد رقم (17508) يوم الخميس 26 ربيع الثاني 1432ه خبرًا وتقريرًا عن توصيات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني كما صرح الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وتأكيدهم -حفظهم الله- على العناية بتاريخ المدينةالمنورة وآثارها، وذلك في اجتماع مجلس نظارة مركز بحوث ودراسات المدينةالمنورة وبقيادة من الأمير عبدالعزيز بن ماجد، حيث انني أرى أن هذه التصريحات والتوجيهات هي عبارة عن توثيق علمي تاريخي من نوع فريد. وقد أضيف لهذه الأوامر، مشروع الأطلس التاريخي للسيرة النبوية في مكةوالمدينة، والتي تشرف عليه دارة الملك عبدالعزيز برئاسة الأمير سلمان بن عبدالعزيز، حيث سيقوم بتحويل النصوص التاريخية المدونة في المؤلفات المكتوبة إلى مخططات وأشكال وخطوط، ومسارات مرئية في ثنايا خرائط وصور فضائية باستخدام وسائل بحثية متطورة بعد توثيق أحداث السيرة النبوية ومعالمها ومواقعها، وسيترجم بعد إنجازه إلى لغات عدة، ونسخ إلكترونية لتقدم أطلسًا يسهل على المهتمين من المستويات كافة تتبع أحداث السيرة النبوية وفهمها وتصور مجريات وقائعها وميادين أحداثها بشكل موسع ودقيق، حسب تصريح مدير المشروع فهد بن عبدالعزيز الدامغ. إن هذه التصريحات والمبادرات والأوامر هي نقلة فعلية للعالم الأول، دون شك، حيث تفتخر بلدان العالم بتاريخها وتحافظ عليه وترعاه، لأن بلدًا دون ماضٍ هو بلد بلا مستقبل. لقد سعدت بهذه القرارات، واسترجعت ذكرياتي في الصغر مع والدي في المتحف الحربي الإمبريالي بلندن والتي ما زالت عالقة في ذهني حتى اليوم صور لمعركة العلمين وحرب الخنادق (Trenches War)، والتي مات فيها أكثر من مليون نسمة، وانتهت بتقدم الجيش 200 ياردة فقط.. فما بالنا ببدر، أول غزوة في التاريخ الإسلامي والتي غيّرت تاريخ العالم إلى الأبد، وهو ما سوف يُوثّق على أرض الواقع، وفي الأطلس التاريخي بالصوت والصورة، ليتمكن أبناؤنا أن يستشعروا هذا التاريخ المجيد. فهنيئًا لنا حكومة وشعبًا هذه المساعي التاريخية القوية، والتي تسعى إلى المحافظة على الآثار والتاريخ، لبناء جيل يفتخر بماضيه ليرتقي، فينشأ بعدنا جيل تشيد به بقية الأمم.