لا تقتصر فكرة الاحتساب – كما يبدو – على مجتمع بعينه يقوم أفراد منه، إذا ما وجدوا ما اعتبروه منكرا، بأخذ أمر إنكار المنكر باليد بدلاً من القلب واللسان فهناك محتسبون حتى في بلدان ينظر إليها البعض على أنها من دول الكفر والإلحاد. وأمامي خبر عن امرأة قامت يوم الجمعة الفائت بمهاجمة لوحة للرسام بول غوغان يقدر ثمنها ب80 مليون دولار في متحف الفنّ الوطني بواشنطن بقصد إتلافها. ورغم أن رجال الأمن تمكنوا من تخليص اللوحة، التي يعود تاريخ رسمها إلى العام 1899 لكن المرأة الأمريكية هاجمت اللوحة ورفعتها من مكانها وضربتها قائلة «هذه شريرة «. لذا لم أجد فيما أقدم عليه مجموعة من الأشخاص يدّعون مكافحة «الفتنة» في الأماكن العامة من إجبار صاحب أحد المحلات التجارية بطمس وجه أحد «عارضي الأزياء» لإحدى الماركات العالمية في مجمع تجاري معروف بمدينة الخبر، لم أجد فيه أمراً جللا كما صوره الخبر. فقد قام المحتسبون بداية بتهديد صاحب المحل بأنه إذا لم يمتثل لأوامرهم فسيتخذون الإجراءات القانونية بحق المحل، كونه مخالفاً للأنظمة والتعليمات، بحسب قولهم، فما كان منه إلا أن انصاع لأوامرهم وسمح بإخفاء الصورة. فالأمر إذن تم بيده لا بأيديهم! ورغم أن التصرف قد أثار، كما يقول الخبر، اندهاش واستنكار أصحاب المحلات، كون «الموديل» ذكراً وليس أنثى، إضافة لظهوره في الصورة بملابس محتشمة، فإننا لا يمكن أن نلوم المحتسبين .. فطالما اكتفى أصحاب المحلات بمجرد الاندهاش، فنحن أيضاً معهم مندهشون؟! [email protected]