- «كم أنا فخور بكم»، «يعلم الله أنكم في قلبي، أحملكم دائمًا، وأستمدُّ العزم والعون والقوة من الله، ثم منكم».. ما أصدقها من عبارات، لم تسمعها الشعوب من حكّامها إلاّ في هذه البلاد الطاهرة.. عبارات تقطر صدقًا، وتواضعًا، وحبًّا، وطيبةً، وقربًَا من الله -عز وجل- والتحامًا مع أبناء الشعب.. هذا هو أبو متعب شيخ الملوك، وسيّد الحكام، وهذه هي سجاياه التي عرفها السعوديون، وعرفتها الدنيا عنه.. وهي التي أسكنته القلوب والعقول قبل أن يعتلي سدّة حكم أطهر وأحب بلاد الدنيا. - «لا تنسوني من دعائكم».. ما أبسطه، وتواضعه من مطلب يا خادم البيتين، وهو حق لك، وواجب على الجميع. عوفيت أبا متعب.. لا مسّك الضُّر أبدًا.. حمدًا لله على سلامتك، وعلى عودتك سالمًا معافى إلى وطنك وشعبك الوفي، الذي سطّر معك أصدق ملحمة في الحب والولاء. وبعد حق الدعاء الواجب.. أردتُ أن أسجل بعضًا ممّا جاش في صدري، وعالمنا العربي -من أقصاه إلى أقصاه- يمور بأحداث لم يشهد لها التاريخ مثيلاً.. فلقد سطّرت عودتك من رحلتك العلاجية للتاريخ الإنساني أنبل وأوفى قصيدة حب بين قائد وشعبه.. مشهد حميمي فريد، تنثال من بين ثناياه أجل وأصدق عبارات الحب النادر، والولاء الخالص.. ولائم، وذبائح تُنحر، وحلوى تُوزّع في كافة أرجاء المملكة.. هذا هو الشعب السعودي الأبي، وهذه هي مشاعره الخالصة، بعد أن عاش قرابة الثلاثة أشهر في حالة شوق ودعاء وترقب للحظة عودة رب الأسرة، صاحب القلب الكبير، الذي يتسع لكل أبنائه. وبكل عفوية وأبوّة حانية عند الاستقبال التاريخي يقول لشعبه الحبيب إلى قلبه: «أشكركم، وسامحوني، وآسف لأني لم أصافحكم فردًا فردًا».. كلمات قليلة في عددها، كبيرة في معانيها، كشفت عن المعدن النفيس لأب حنون، وقائد ملهم لم يختر إلاّ طريق الإيمان والعلم لبلوغ أنبل المقاصد، وأسمى الأهداف، وترسخ حب شعبه في ضميره ووجدانه حتى صار همّه الأول هو تحقيق آمال وتطلعات هذا الشعب، وتوفير سبل السعادة والرفاهية لكل فرد من أفراده. وتجيء هذه اللوحة الإنسانية البديعة، والتلاحم الصادق بين سيّد الحكام وشعبه الوفي، بينما يشهد عالمنا العربي زلزالاً مدمرًا من الثورات والاحتجاجات والاضطرابات.. مشهدان متناقضان يمثلان مفارقة عجيبة، فالمواطنون الأوفياء يعشقون حاكمهم، ويتحينون لحظة عودته، ويقيمون له الأفراح، ويعتبرون عودته عودة الفرح إليهم.. والآخرون على عكس ذلك؛ لأنهم يعتبرون أنظمتهم كابوسًا جاثمًا على صدورهم.. لماذا؟ لأنه في المشهد الأول يوجد حاكم يخاف الله، ويراعي حدوده، ويتأسى بسيد البشر صلى الله عليه وسلم، ويحترم شعبه، ويكن له الحب والاحترام، ويسعى لتحقيق رخائه ورفاهيته وإسعاده.. والمشهد الآخر أقل ما يُقال فيه: نسوا الله فأنساهم أنفسهم.