لا حظ لأي مجتمع بتطور وتقدم إذا لم يكن المهندس حاضرا وبقوة في شتى مجالات الحياه، مع وجود بيئة محفزة ومحرضة على العمل والعطاء والإبداع، كي يضطلع بدوره الحقيقي ويقود وطنه نحو القمم العالية بامتلاكه مسارا خاصا يضعه في حلبة المسابقة، ولا ريب ان التطور الصناعي والمدني الهائل الذي يشهده عصرنا الحديث، والذي بسببه اصبحت أُمم في المقدمة وأخرى تراوح مكانها القديم وثالثة بين هذه وتلك، ثمرة عقول مهندسين صنعوا الحضارة وسجلوا لبلدانهم مجدا مشرقا غير مجرى الحياة على هذا الكوكب، وأتوا بما لم تره عين ولم يخطر على قلب بشر، تم ذلك عندما أدرك المهندس دوره وأهميته وفي ذات الوقت قدره المجتمع عطفا على ما يقدمه من انجاز للعالم اجمع،فقد أصبح المستحيل ممكنا والحلم واقعا، حينما تبحر المهندس في القوانين والنظريات العلمية، إضافة لما استطاع فهمه من نظام الكون الدقيق الذي أبدعه الخالق سبحانه وتعالى، بهذا العلم تغيرت حياة البشرية على سطح الكرة الأرضية، إذ تطورت وسائل النقل والاتصالات وسادت التقنية الحديثة التي جعلت حياة الانسان أكثر رفاهية وحلت كثيرا من المشكلات، ففي مجال الطب على سبيل المثال تفتقت عقول المهندسين عن أجهزة ومعدات أخرجت علم الطب من العصور البدائية الى عصور الثورة العلمية الحديثة. مع كل هذه الأهمية لفئة المهندسين، نجد أن المهندس السعودي لا يزال يعاني ماديا واجتماعيا على حد سواء، فمعاناته المادية تكمن في تأخر اقرار الكادر الهندسي الذي رغم طول انتظار يأمل من المسؤولين أن لا يتوانوا أو يتباطأوا في اقراره، فبذلك مصلحة وطنية عامة، ولا غرو ان ما يتقاضاه المهندس من مردود مادي لا يتناسب اطلاقا مع مؤهله العلمي ولا مع طبيعة عمله، مما يصرف جل وقته وتفكيره في دوامة تحسين الدخل وتوفير متطلبات الحياة الاسرية والخاصة, الأمر الذي ينعكس سلبا على أدائه الوظيفي وعطائه الذي نحن بأمس الحاجة اليه، في ظل طفرة المشاريع التي تشهدها كل مناطق هذه البلاد الطاهرة، أما المعاناة الاجتماعية فحدث ولا حرج، فثقافة المجتمع السعودي فيما يتعلق بدور المهندس سطحية جدا، لدرجة ان الكثير يخلط بين مهمة المهندس والفني وعامل الصيانة، فثمة من يلقب عمال صيانة السيارات في الورش وحتى عمال السباكه بلقب مهندس، فوجدها هؤلاء فرصة فاضحت كثير من لافتات ورش الصيانةتحمل(مهندس خان ومهندس شوكت) مع الاحترام والتقدير لكافة المهن الشريفة ولكن هذا من باب الانصاف واعطاء كل ذي حق حقه. رغم ذلك ظل المهندس السعودي وسيظل كذلك يخدم وطنه ومجتمعه بكل اخلاص، منطلقا من كون ما يؤديه واجبا وطنيا لا هوادة فيه، من اجل رد شيء من الجميل لوطن اعطاه الكثير، ختاما نحن نعلم علم اليقين ان قيادتنا الحكيمة حريصة اشد الحرص على كل مامن شأنه رفعة الوطن ومصلحة المواطن، لذا فان أملنا كمهندسين كبير بأن قادم الأيام سوف تجعل معاناتنا شيئا من الماضي. عايض الميلبي - ينبع