اختتم ملتقى قراءة النص الحادي عشر جلساته مساء أمس الخميس، بعد أن غيّر موعد الجلسة من الساعة السابعة إلى الخامسة عصرًا، وسط حضور عدد من ضيوف الملتقى والمثقفين والأدباء والإعلاميين. وغاب عن الجلسة الدكتور محمد القاضي الذي كان من المتوقع أن يقدم ورقة بعنوان: “هدير الصمت في الرواية السعودية: بين لغات السطح ولغة المسكوت عنه”. وقدم الدكتور عالي بن سرحان القرشي ورقة بعنوان: “قراءة اللغة الإنسانية من نافذة الحكاية” بيّن من خلالها أن الإنسان كائن حكائي بامتياز يثقف وجوده علاقته بالعالم عن طريق الحكاية، ومستشهدًا بديوان الشاعرة حليمة مظفر الأخير “حبة عنب” ومحللًا من خلاله لفظة حبة. فيما تطرقت الدكتورة لمياء باعشن إلى الحديث عن رواية “غير وغير” لهاجر مكي من خلل التآمر اللغوي والمحو في الرواية، وأوضحت أن الرواية ليست فقط عمل ما بعد حداثي بل هي رواية مضادة، بمعنى أنها تعارض أو تتعمد الخروج عن أطر الرواية التقليدية فتخاتل توقعات القارئ بإلغاء عناصر أساسية في الشكل الروائي المعتمد كنوع أدبي. أما الدكتور محمد نجيب العمامي فتناول الحديث عن “اللغة والرواية” وذلك من خلال اللغة كمادة الرواية ولها فيها أدوار وذلك من خلال اللغة ممثّلة للعالم عمومًا ولأقوال الشخصيات خصوصًا، ومن خلال اللغة حاجبة، واللغة واصفة للسرد ومحمولة له. بعد ذلك دار النقاش وتداخل عدد من الحضور مع عدد من المحاور التي تطرق إليها المشاركون في الجلسة. كما عُقدت جلسة خطابية ختامية قدم من خلالها الدكتور محمد بوهلال كلمة المشاركين وقدم من خلالها شكره لنادي جدة الأدبي على طرحه مثل هذا الموضوع الهام، مثمّنًا ما خرج به الملتقى من توصيات تخدم هذا الموضوع. وكانت الكلمة الختامية للدكتور عبدالمحسن القحطاني رئيس مجلس إدارة نادي جدة الأدبي شكر فيها المشاركين في الملتقى من داخل المملكة وخارجها، وقال: “على مدى يومين استمعنا إلى بحوث قيّمة كان لها أثر كبير على نفوس الجميع ولمسنا ذلك من خلال التفاعل والمداخلات والنقاشات”. الجلسة الأولى «علاقة اللغة ببنية الخطاب الأصولي الفقهي».. بهذا العنوان انطلقت صباح أمس الجلسة الأولى من جلسات ملتقى النص (اللغة والإنسان)، والتي شهدت تقديم أربعة أوراق عمل، بينما أقيمت بعدها فعاليات الجلسة الثانية وشملت تقديم خمسة أوراق. في الورقة الأولى أشارت الدكتورة بثينة الجلاصي في موضوعها عن «علاقة اللغة ببنية الخطاب الأصولي الفقهي» إلى أن الخطاب الفقهي في منحاه الأصولي هو خطاب للفرد باعتباره يمثّل وجه الحقيقة وينطلق عن مقصود الشارع فيستمد بذلك نجاعته، إذ هو الجامع -وفق ما أشارت- بين الجامع بين المقدس المتعالي وبين الاجتهاد والثقافي وهو الخطاب الذي لا يصدر إلا عن متمعّن في علوم اللسان والعلوم المتصلة بعلم البيان. بعدها تحدث الباحث حسين مكتبي عن «نخبوية اللغة.. نخبوية الإنسان.. اللغة الأسطورية أنموذجا»،وفيها ألمح مكتبي إلى أن الورقة تعالج بنية اللغة ومكوناتها وتبحث في أسباب شيوعها. من جانبه أشار الدكتور محمد صالح الدحيم في ورقته «اللغة والخطاب الديني» إلى أن المقصود من الخطاب الديني هو الممارسة البشرية في النص المقدس وهو المؤسس في الخطاب الديني. نهاية الجلسة الأولى كانت مع ورقة الدكتور محمد الرفاعي «النظرية اللغوية وقراءة النص الديني» وفيها اعتبر أن مراجعة جهود المفسرين بحثاً عن مساحات التحليل اللغوي التي لم تمتد إليها أيديهم إثباتاً لشدة حاجة النص القرآني إلى أضعاف ما أُنجز من التفاسير والبحوث إذا ما كنا نريد حقيقةً أن نُحسن التلقي عن الله عز وعلا وأن نُحسن الفهم لكلامه الكريم. المداخلات الجلسة والتي أدارتها الدكتورة فاطمة إلياس، شهدت العديد من المداخلات، ومنها مداخلة للدكتور عاطف بهجات تساءل فيها عن هل مأزق الأصوليين مأزق لغوي أم بلاغي؟ مشيراً إلى أن لغة الشعر هي لغة إبداع متعالية وليست نخبوية. أما الدكتورة سعاد المانع فتساءلت أيضاً عن ماهية المعنى لدى المفسرّين بقولهم “والله أعلم”!. فيما تساءل الدكتور محمد عبيد عن الإشكالية وهل هي بين الأصوليين والنحاة أم أنها مع البلاغة؟. بينما أشارت سهام القحطاني إلى أن الخطاب الفقهي عند العصر الأموي كان سياسياً بصبغة دينية. وكذلك تساءلت آلاء القرشي عن مدى التجديد في الخطاب الديني وهل للإعجاز العلمي للقرآن الكريم دور في هذا الإعجاز؟. وأما الدكتور مراد مبروك فتحدث عن أن الأزمة في معظم الأوراق جاءت أزمة مصطلحات، لافتاً إلى ضرورة الاتسام بالدقة في حالة استخدام بعض المصطلحات. بدورها أعربت المداخلة عائشة جلال الدين عن أن المشكلة تتمكن في عزل اللغة عن الحياة تحت مفهوم النخبوية، مشيرةً إلى أن القرآن الكريم غيّر السلوك الإنساني في مخاطبته كل الناس. رئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبدالمحسن القحطاني أشار في مداخلة له إلى الاتساع بين النخبوية والشعبوية، لافتاً إلى ضرورة التقريب لا التفريق، وقال: إنه كان يتمنى أن تكون ورقة الدحيّم تحمل عنوان ((اللغة والقرآن)). فيما أشار الدكتور عوض القوزي إلى ضرورة عدم التعالي والتدقيق في أخطاء الآخرين انطلاقاً من مبدأ تواضع العلماء. الجلسة الثانية وفي بدايتها تحدث الدكتور يوسف الضوّة عن «أعلام الإنسان في العربية المعاصرة»، وفيها لفت إلى أن العَلَم يأتي باسم الشخص الذي يطلق عليه ساعة يولد فيصير معروفاً بين أهله وأصدقائه والمتعاملين معه رسمياً واجتماعيا. الدكتور محمد زكريا عناني أشار في ورقته “اللغة والخطاب الإعلامي” إلى أن الإعلام بمدلوله المطلق يعد ركيزة إنسانية جوهرية وفطرية لتواكب مسيرة الحياة منذ الأول، لافتاً إلى أن وسائل التغيّر تتعدد وأشكالها تكتسب في كل حين أبعاداً جديدة، مشيراً إلى أن الأزمة في اللغة والخطاب الإعلامي تتجاوز كل مدى تنبأت به أقلام الغيورين على اللغة العربية منذ عدة عقود، مبدياً أسفه على وصول الحال إلى هذا القدر من العجمة والرطانة وانهيار الهويّة والتردي في الخطاب الإعلامي. أما الدكتور حاتم الفطناسي فقال في ورقته “في بلاغة الخطاب السياسي”: الخطاب السياسي هو السائد بامتياز فهو يمثّل جانب الرفض للتغيّر والداعم له، ويضيف أن الخطاب السياسي هو عبارة عن مجموعة من الخطابات منها الخطاب الثقافي والإعلامي والتعليمي وكلها خطابات تتراشح وتتفاعل وتنمو في الخطاب السياسي. فيما تناول الدكتور صلاح الدين حسنين في ورقته “التحليل اللغوي للرواية” وأشار فيها إلى مستويات اللغة في رواية ((الشياطين الحمر)) كأنموذج لهذا الجانب.