لم تجد الفنانة إيمان العامودي أي غضاضة في عرض الفنانين والفنانات لأعمالهم في المولات التجارية والأسواق، معتبرة أن هذه تعتبر ميزة من حيث تخلي الفن التشكيلي عن فكرة النخبوية، وخروجه إلى الناس في أماكنهم العامة، كما أنه يتيح للفنان سوقًا لترويج أعماله بما يعود عليه بعائد مادي يمكّنه من المضي في تنفذ أعماله ومشروعاته الفنية.. كما أبدت العمودي رضاها الكامل عن معرضها الشخصي الأخير الذي احتضنته صالة المركز السعودي للفنون بجدة تحت عنوان «إيمانيات»، مؤكدةً أن ما قدمته فيه من أعمال جسّدت معنى اسم المعرض، مشيدةً بالحفاوة والدعم الكبير الذي وجدته من المسوؤلين عن الصالة، مشيرة إلى أن فكرة تقديم المعرض في محطات أخرى قيد الدراسة.. * كيف تقرئين معرضك الشخصي «إيمانيات» وماذا قدمت فيه؟ - لا شك أن مفردة «إيمان» تحمل في طياتها الكثير من المعاني ذات الدلالات الناصعة، بما يستوجب أن يكون أي انتساب إلى هذا الاسم، أو استدعائه جماليًا مساويًا لمعانيه.. ومن هذه البوابة حرصت أن أقدم في هذا المعرض مجموعة من لوحاتي التي تعبّر عن هذا الاسم أصدق التعبير، فكانت اللوحات بشهادة من حضر المعرض اسمًا ومعنى.. يضاف إلى ذلك أن النسبة أيضًا إلى اسمى (إيمان) حتّمت عليَّ تقديم لوحات تحمل صفة التفرّد والتميّز، بحيث تمثّل نهجي وطريقتي في التعبير اللوني، فلوحات المعرض بهذا المعنى أيضًا تمثّلني خير تمثيل، وتعكس تجربتي برغبة التميز، ولهذا فهي أيضًا «إيمانيات». دفعة قوية * على ضوء ما تقولين.. أي مقياس من مقاييس النجاح تنظرين به إلى «إيمانيات»؟ - معلوم أن النجاح والتوفيق بيد الله عز وجل أولًا وأخيرًا، متى ما أدى الإنسان ما عليه من مستوجبات الإجابة بعون الله وسنده، ليترك تجربته من ثم في براح المتلقي الذي يقيّم ذلك، ويتفاعل معه بقدر ذائقته وقدرته على تأمل الجمال.. ومن خلال متابعتي لزوّار هذا المعرض، وتلمّس صداه في محيطي وخارجه، من لقاءاتي بالفنانين والجمهور فقد أحسست بمدى ارتياحهم وغبطتهم بما شاهدوه، مثنين على فكرة اللوحات والطريقة التي نُفذت بها، وكل ذلك أعطاني دفعة قوية في الاستمرار وعدم التوقف، لأن هذا المعرض حقق ولله الحمد نجاحًا رائعًا، توّجه إعجاب المتلقين والفنانين واستحسانهم على حد سواء. وفاء وشكر * لم اخترتِ صالة المركز السعودي للفنون لإقامة المعرض؟ - يعود ذلك لأمرين؛ أولها أن المسؤولين بصالة المركز كانوا أول من طرح فكرة هذا المعرض؛ ولم يتوقف الأمر عند طرح الفكرة فقط؛ بل انهم قدموا لي التشجيع المعنوي وتسهيل الأمور أمامي، فكان لزامًا عليَّ أن أرد التحية بأحسن منها، لعل في عرض «إيمانيات» بهذه الصالة يفي ولو قليلًا من الدين الذي طوّقوا به عنقي، فلهم الشكر على وقوفهم المعنوي بجانبي، وثانيًا أن هذه الصالة تعد من أميز الصالات الفنية وهي مركز ومثابة للفنون والعرض فيها شرف كبير ولهذا كان الحرص مني عليها كبيرًا لتحتضن «إيمانيات». دور رائد * تتحدثين عن المركز السعودي بكل سعادة.. فماذا قدم لكِ في خلال مسيرتكِ الفنية؟ - الحديث عن المركز السعودي للفنون يطول كثيرًا، ويكفيه فقط أنه علّمني كيف أبدأ وإلى أين أنتهي، فقد رسم خطوط بداياتي بالوعي والمعرفة، وحدد لي خطوط النهاية المفتوحة بالسعي المتواصل، والجد في العمل، والإخلاص للفن، كل هذه المعاني استقيتها من هذه المدرسة الفنية الكبيرة. جماليات الحروفية * خلال مسيرتكِ.. إلى أي المدارس الفنية تميلين.. ولم هذا الانحياز إلى الحرف العربي في معرضكِ الأخير؟ - خال مشواري الفني تطرقت إلى العديد من المدارس الفنية المعروفة، ومنها الفن الإسلامي، والفن التأثيري، والتكعيبي، والسريالي، وفن الطبيعة والسكينة، غير أني وجدت في نفسي ميلًا إلى الحرف العربي، وهو النمط الغالب على مجمل لوحاتي في معرض «إيمانيات»، وقد ركّزت على الحروفية فيه لإعطائها الحق في إبرازها بوصفها إحدى عناصر الجمال الفني في اللوحة الفنية، ولها أهميتها وقيمتها، وقد عملت على استخدام هذه الحروف من أنواع الخط العربي المختلفة بسياق جمالي لإكمال اللوحة. خطوة قيد الدراسة * هل في النية نقل المعرض إلى محطات أخرى؟ - هذه الخطوة قيد الدراسة حاليًا، ولن أستطيع أخذ رأي قاطع فيها ما لم أستكمل كل الخطوات اللازمة حتى يواصل المعرض نجاحه كما كان في صالة المركز السعودي، لأن الترتيب لإقامة معرض يتطلب كثيرًا من التحضيرات، والدعاية والإعلان بصورة جيدة، واختيار المكان المناسب والتوقيت الأمثل وغير ذلك من الأمور الضرورية في مجال المعارض، ومتى تم لي ذلك فسأقوم بخوض هذه التجربة. فنانة بمعنى الكلمة * وما دور الفنانة الرائدة منى القصبي في دعم وتشجيع الفنانات الواعدات؟ - الفنانة منى القصبي أم قبل أن تكون أستاذتي؛ فأنا مهما عبّرت عنها بكلمات فلن أستطيع أن أوفيها جزءًا من حقها؛ فهي فنانة بمعنى الكلمة وتشجيعها الدائم هو الذي وصلت إليه الآن. بذرة وأرض خصبة * هل ترين في دراسة الفن ضرورة للفنان.. أم تكفيه الموهبة؟ - دائمًا ما أشبّه الموهبة في عالم الفن ب «البذرة»، والدراسة بالأرض الخصبة، فلا فائدة كبيرة تُرجى من بذرة لا أرض خصبة لها، وليس في وسع الأرض الخصبة أن تقدم إنتاجًا في غياب البذرة، فدراسة الفن ضرورية ومهمة لصقل الموهبة، وتقويم ما بها من مناقص، وتوجيه دفتها إلى الناحية السليمة والعلمية، كما أنها تعمل على توسيع مدارك الفنان وطريق تفكيره، وتدفعه باستمرار إلى التطور السريع في الفن والإبداع والابتكار؛ فالعلم مكمل للفن. انتشار واسع * أصبح الكثير من الفنانين والفنانات يعرضون لوحاتهم في الأسواق والمولات.. هل في ذلك تقليل للفن أم مساهمة في توسيع مساحة العرض؟ - لا أرى في عرض اللوحات بالمراكز والمولات أي نوع من تقليل قيمة الفن، فالأعمال بهذا الشكل ستُعرض على أكثر عدد من الناس، والالتقاء بهم، كما تصحبها عملية تسويقية وهو أمر ضروري للفنان، كما أنها تستبطن في داخلها عملية تعريف الناس بالفن وأهميته وقيمته في الأماكن العامة، بما يبعد الفن من فكرة النخبوية. تطور مستمر * لماذا أنتِ غائبة عن المشاركات الرسمية.. وماذا أضاف لكِ الفن؟ - لست غائبة بمعنى الغياب عن المشاركات الرسمية، فلكل موقف ترتيباته التي أراها مهمة، وأبشركم أنكم سوف ترون اسم إيمان العامودي ساطعًا عمّا قريب.. أما بخصوص الجزء الثاني من سؤالك فإن الفن أضاف إليَّ الصبر وكيفية الاستمتاع في أداء عملي والتطور المستمر في الإبداع.