لقد أمر خادم الحرمين الشريفين معالي وزيري التجارة والصناعة والعمل، «بالاجتماع برجال الأعمال في المملكة للتأكيد عليهم بعزم الدولة على المسارعة الفاعلة والجادة في سعودة الوظائف وأن يقوم القطاع الخاص بواجبه الوطني من هذا الأمر». لقد تطلعنا إلى لقاء الوزيرين لبحث هذا الأمر الملكي ومناقشة الطرق الكفيلة بتنفيذه ولكن يظهر أن معالي وزير العمل لديه خطة مُسبقة وكأن هذا الاجتماع فقط لرفع العتب، أو اكتفى معاليه بالمناقشات التي شارك فيها مع رجال أعمال آخرين. إن معاليه ابن القطاع ورئيس غرفة جدة سابقًا ويعرف البير وغطاه، لذلك فوجئنا عندما علق معاليه على أحد المشاركين الذي قدم له بعض الاقتراحات المكتوبة «أن أي شخص يطلع على الانترنت يستطيع أن يجمع قوائم بالعوائق والأفكار ونحن مطلعون عليها. ولا أريد المشكلات والاقتراحات المكررة والمعروفة، ولكن أريد حلولًا سريعة وأفكارًا خلاّقة«. كيف يبحث معاليه عن حلول خلاّقة والحلول واضحة وأمام أعيننا. إن رجال الأعمال وهم المعنيون بتنفيذ الأمر ولولاهم لما أنشئت الوزارة لتنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل وأوامر الدولة وقراراتها. إن القطاع الخاص سواء برأس مال وطني أو مشترك هو من سيحل المواطن القوي الأمين محل العامل غير السعودي. القطاع الخاص شريك للدولة في تشغيل المواطنين، وإذا أردت أن تطاع فاطلب المستطاع، والمستطاع بأيدينا ولكن أطلقوا يديه من القيود التي قُيدت بالأنظمة والقرارات التي تخالف السنن الطبيعية للحياة، ومن يخالف سنن الله في خلقه لا ينجح، مثل سنة العرض والطلب وسنة العقود بين الطرفين وشروطها وسنة قيام الأكفاء بالعمل بغض النظر عن الجنس. ما فائدة المنتديات والحوار فيها إذا لم نستفد من خبرة من سبقونا ونجحوا، ولقد سرني قول الأمير خالد الفيصل «تطوير الأنظمة ليس عيبًا ومراجعتها ضرورة لكل مجتمع يبحث عن التقدم». فماذا أنتم فاعلون بنظام العمل الحالي الذي مر عليه عشر سنوات وهو نسخة مكررة للنظام السابق الذي صدر برقم م/21 وتاريخ 6/9/1389، فاليوم لا العامل نفسه ولا الاقتصاد نفسه ولا الظروف نفسها، لذلك تعديل هذا النظام، مطلب أساسي وعاجل. لن يكون رجال الأعمال إلا شركاء للدولة في توطين الوظائف ولقد طُلب من معاليه أن يبلغ خادم الحرمين الشريفين أن رجال الأعمال جادون في تحقيق السعودة وتوطين الوظائف ويطالبون الدولة بإزالة العوائق التي وضعتها التعليمات ونظام العمل أمامهم، وإن كانت وزارة العمل ترى أن تحل مشكلاتها قصرًا فلن تجد لسنة الله تبديلًا. الحوار والنقاش مطلوب من أي وزير فإن لم يستطع أن يلبي مطالب أصحاب الحقوق فلسنا في حاجة إلى الحديث عن الوطنية والمسؤولية، لاننا نعرفها ونعيشها. فالسعودة الحقيقية ينبغي أن ترتبط بالانتاج. إن العمل حق لكل مواطن ومواطنة، فمن أتى بكل هؤلاء الأجانب لسوق المملكة؟ ولقد تغيرت نظرة كثير من الشباب السعودي للعمل ويجب أن تنتهي أعذار المتسترين والمتهربين عن تشغيل أبناء الوطن. وكما ذُكر في المنتدى، دول الخليج هي الوحيدة في العالم التي تستقطب أجانب للعمل دون حدود. كم سجلًا تجاريًا استُقدم به عمال أجانب لا يعملون لدى مؤسساتهم إلا صوريا؟ إن تهديد معاليه لرجال الأعمال بأن من لا يتعاون مع خططه فسوف يعاقب عقابًا أليمًا، ذكرني بأيام الفلكة في الكُتّاب. ليس هكذا يكون التحاور مع رجال الأعمال. حلوا قيودهم ثم حاسبوهم ونحن معكم. إن معظم سكان المملكة من الشباب ومن لا يعرف شبابنا اليوم فليحضر إلى منتدى جدة الاقتصادي. شباب وشابات يرفعون الرأس، ولقد قال رئيس وزراء تركيا، «إنهم حلوا معظم مشكلاتهم من جذورها وحاربوا الفساد وحاربوا العصابات وأصحاب النفوذ الذين هم فوق القانون أو يستطيعون أن يلفوا عليه بفسادهم ونفوذهم». فلماذا لا نستفيد من تجربتهم بحل مشكلة السعودة والبطالة من جذورها وحلها ليس مستحيلًا ولن تنفع الرتوش والاجتماعات وعصر الأفكار الخلاقة، فقط أبدؤوا من الجذور ولا تستثنوا أحدًا ولا يصح إلا الصحيح..