أكد صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن محمد بن ناصر بن عبدالعزيز المحاضر بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية أن الصراع بين البشر أمر فطري لا خلاص منه. واستعرض في إطار محاضرته التي رعاها صاحب السمو الملكي محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان وألقاها على هامش الموسم الثقافي لجامعة جازان تحت عنوان (العلاقة مع الآخر بين صراع الحضارات ومشروع حوار الأديان الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين) أن هذا الصراع هو من طبيعة البشر حيث يسعون من خلاله للبقاء والخوف من الفناء وتتفاوت حدة الصراع وفقا لتفاوت المخزون الحضاري المبني على الأخلاق والقيم والمبادئ العليا. موضحا أن الرسالات السماوية أوجدت المعايير الربانية العليا التي امتزجت مع ثقافات الشعوب وعاداتها مكونة الحضارات البشرية المبنية على ما ينظم مجتمعها ويكفل لها سعادة الدارين. مبينا سموه أن التاريخ يشهد على أن المعايير المنزلة من السماء غيّرت حال ومآل كثير من الأمم ومنها أمة الإسلام، حيث تغير حال العرب الذين بعث منهم سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم فتحولوا من أمة مشتتة متصارعة إلى أمة موحدة متآلفة ومن أمة جاهلية إلى أمة ذات حضارة مدنية، مشيرا إلى تأثير تلك الدعوة المباركة على العالم بأسره حيث انصهرت حضارات وشعوب متعددة في أمة الإسلام. وشدد سموه على أن ابتعاد المسلمين عن مصدر قوة حضارتهم وهو الالتزام بتعاليم الدين في مراحل تاريخية أدى إلى مرحلة النكوص بعد الازدهار، وبذلك بدأت الحضارة الغربية في التشكل نتيجة ضعف ونكوص الحضارة الإسلامية منطلقة من سقوط الأندلس عام 1492م حتى بلغت مرحلة تفردها بنهاية الدولة العثمانية عام 1924م مستعرضا الجذور الفكرية للحضارة الغربية، حيث استمدت تلك الحضارة فكرها ومبادئها من الحضارتين اليونانية والرومانية، اللتين قامتا على أساس عقدي يقوم على الصراع بين الإنسان وما حوله من مظاهر ظاهرة أو خفية مثل العقائد اليونانية القديمة القائمة على الصراع مع الآلهة والصراع بين الخير والشر والصراع بين الإنسان والآلهة إلى جانب مساهمة الموروث العقدي لليهود ممثلا بأسفار العهد القديم في بناء الأسس الفكرية للحضارة المسيحية، الذي لا يخلو من روح الصراع المتشكل من التعالي والنظرة الدونية لأتباع الديانات الأخرى، وأبرز سموه دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله إلى أتباع الحضارات والأديان إلى المؤتمر العالمي للحوار الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في مدريد خلال شهر يوليو 2008م والتي فتحت المجال للعديد من المؤتمرات والندوات الدولية اللاحقة موقف موحد: وختم سموه بالقول إن استراتيجية الحوار في المملكة العربية السعودية قد نجحت لأنها امتازت بالواقعية والتدرج بين شرائح المجتمع السعودي مبرزا موقف الشعب السعودي ووحدته خلف قيادته واحدا من أهم آثار الحوار.