بعد تسعة أعوام من إقرارها عبر قمة بيروت العربية عام 2002 لا تزال المبادرة العربية للسلام تشكل المرجعية الأشمل والآلية الأسهل لحل مسألة النزاع العربي- الإسرائيلي، وليس فقط وضع نهاية للنزاع العربي الفلسطيني من خلال مناداتها بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 بعاصمتها القدس الشريف وحل مشكلة اللاجئين من خلال قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وذلك لأن اشتمال المبادرة على التطبيع مع إسرائيل في حالة إقامة الدولة الفلسطينية وحل مشكلة اللاجئين ضمن ما تضمنته تلك المبادرة يزيل العقبة الرئيسة التي تقف في طريق السلام، وهو ما يعني أيضًا بأنه لا سلام حقيقي في المنطقة دون إقامة دولة فلسطينية فوق الأراضي الفلسطينية التي احتلت بعد الرابع من يوينو 1967. إن رفض ثلاثة رؤساء حكومات في إسرائيل هم شارون ثم أولمرت ثم نتنياهو على التوالي بأطيافهم الحزبية المتباينة للمبادرة يعني أن إسرائيل أبعد ما تكون عن خيار السلام، وأنها تسعى لتكريس الاحتلال في الأراضي الفلسطينية والجولان السورية. ورغم ما كان يتردد بأن كل من أولمرت وليفني عملا على التقدم في عملية السلام، إلا أنه لم يحدث أي تقدم حقيقي في تلك العملية باستثناء بعض التصريحات التي تطرق بعضها إلى توجيه بعض المديح للمبادرة العربية للسلام لكن دون أن يجد أي من تلك التصريحات سبيله نحو التنفيذ، بل إنها جاءت متناقضة تمامًا مع واقع ما كان يجري على أرض الواقع من انتهاكات لكل أسس عملية السلام استيطانًا وحصارًا وتنكيلاً وتهويدًا. صحيفة هآرتس الإسرائيلية تحدثت أمس عن مخاوف إسرائيلية إزاء إمكانية أن تؤدي التغييرات التي شهدتها وتشهدها دول عربية تحيط بها (مصر والأردن وسوريا) إلى مراجعة للسياسات العربية تجاه إسرائيل ، واعتبرت الصحيفة أن عدم موافقة إسرائيل على مبادرة السلام العربية يعتبر بمثابة فرصة أخرى للسلام أضاعتها إسرائيل، فيما تقطع التطورات الإقليمية بأن إسرائيل ستكون الخاسر الأكبر بسبب رفضها لمبادرة السلام العربية التي تمثل فرصة حقيقية وفريدة لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.