تعتبر تونس ملتقى العديد من الحضارات ممّا جعلها تمتاز بتراث أثري غزير استوجبت العناية به باعتماد سياسة طموحة. فعلى الصعيد التشريعي تحتوي مجلة التراث على قرابة مائة فصل وتنظم عمليات الجرد والتصنيف والبحث الأثري وصيانة وإحياء المواقع والمعالم والمدن التاريخية العريقة كالبونيقية والرومانية والفينيقية والبيزنطية والعربية - الإسلامية والعثمانية والحسينية حتى الاستقلال سنة 1956. ففي سنة 814 قبل الميلاد قام الفنيقيون الذين اشتهروا بالمهارة وحنكة التفاوض، بتأسيس مدينة قرطاج وتشييد الإمبراطورية البونية العظمى. كما شهدت هذه الأرض خلال الفترة ما بين الحضارة الفينيقية إلى غاية العقود الستة للوجود الروماني، ميلاد رموز عديدة من مفكرين وشخصيات تاريخية: مثل “حنبعل” أحد أكبر الجنرالات، وماغون أكبر مهندس فلاحي في العصور القديمة وتارتوليان بطل التسامح الديني. وانطلقت الحضارة العربية - الإسلامية ابتداء من القرن السابع، وتعتبر هذه الفترة الحقبة الذهبية التي وحدت اللغة والعقيدة وساهمت في تطوير الزراعة والصناعات التقليدية والتجارة والصناعة البحرية. جميع هذه الحضارات المتعاقبة خلّفت قرابة 400 موقع أثري يوجد فيها الكثير من القطع الأثرية، وهذه القطع تعرّضت منذ عدة سنوات لعملية نهب من قبل أسرة الرئيس التونسي السابق، وقد تم الكشف عنها مؤخرًا داخل قصورهم وأماكن وجودهم، وجاء الكشف عنها من قبل العديد من المواطنين الذين هاجموا تلك القصور والأماكن خلال ثورة تونس، وهذه القطع تم استرجاعها حسب ما أكده عز الدين باش شاوش وزير الثقافة في الحكومة التونسية المؤقتة قائلاً: تم استرجاع أكثر من 130 قطعة أثرية ووقع حجز البعض من هذه القطع في منازل فخمة في مدن سكرة وسيدي بوسعيد والحمامات بعد ان تم استغلالها في أعمدة الجدران وحاشية المسابح، موضحًا أن هذه الآثار المنهوبة هي حاليًّا تحت حماية قوات الجيش الوطني ورجال الأمن الداخلي إلى حين اتخاذ التدابير اللازمة لاقتلاعها من الأماكن المذكورة بطريقة علمية دون إلحاق ضرر بها. وأفاد الوزير أن المحافظة على المعالم الأثرية واسترداد ما نهب من آثار وتحف وتماثيل هو من ابرز أولويات الحكومة المؤقتة، باعتبار أن التراث المادي مكسب وطني لا ينبغي المساس به أو توظيفه في مجالات غير مشروعة.