· لا يمكن لمنصفٍ أن يساوي بين ما يحدث في البحرين من اضطراب طائفي ، وبين ما حدث في تونس ومصر من ثورات إصلاحية شعبية .. فالثورة التونسية التي انطلقت شرارتها من قرية صغيرة في أعماق الأرض التونسية ؛ كانت حركة داخلية ، تكاتفت فيها قوى الشعب بمختلف شرائحه وأديانه و أطيافه السياسية والاجتماعية ضد طغيان نظام عاث في البلاد فسادا وأهدر ثرواتها ؛ وضد ديكتاتور منع شعبه من ابسط حقوقه الدينية والاجتماعية .. وكذلك كان حال الثورة المصرية التي لقيت تعاطفاً عربياً كبيراً كونها ثورة بيضاء التف فيها المسيحي حول المسلم ، والغني بجوار الفقير ، والمرأة مع الطفل من اجل الإصلاح ولاشيء غير الإصلاح . · ما يحدث في البحرين مختلف تماماً.. فصوت النعرة الطائفية الانتقامية كان أعلى بكثير من صوت الإصلاح والمواطنة .. و آثار الأصابع الإيرانية التي تُحرّك تلك الجموع نحو إسقاط الحكومة و إعلان الولاء والتبعية لطهران لا تكاد تخفى على احد .. ولا أدل على ذلك من غضب ساسة إيران وخروجهم عن حدود اللياقة الدبلوماسية عندما استخدمت البحرين حقها الطبيعي والمشروع في استدعاء قوات درع الجزيرة - التي هي جزء منها - بعد أن شعرت الحكومة بخطورة نوايا تلك القوى الأجنبية وتهديدها لأمن البلاد و وحدتها . · لا أظنني بحاجة إلى شهود عدل لإثبات طائفية ودموية تلك التظاهرات ، فعندما يحمل المتظاهرون الأسلحة ويهاجمون المستشفيات و المجمعات التعليمية وهم يهتفون لملالي إيران ؛ فلا مجال هنا لحسن النوايا حتى وان قالوا بسلمية تظاهراتهم .. وعندما تُحرق السيارات و يتم ترويع المواطنين والمقيمين ؛ وتعطّل المصالح ؛ ويتحول ميدان اللؤلؤة إلى استديو كبير لقناة العالم الإيرانية كي تبث منه الأكاذيب ؛ وتنشر الأطماع الصفوية فلا مجال أيضاً لحسن النوايا .. وعندما تُقدم الحكومة البحرينية التنازل تلو الآخر من اجل وحدة الصف و دفع الأزمة نحو طاولة الحوار والمصالحة بينما يستغل الطرف الآخر هذه التنازلات من اجل حشد الاصطفاف المذهبي ؛ رافعاً من سقف مطالبه إلى الحد الذي يشكل خطرا حقيقياً على وحدة البحرين وأمنها فهنا ينتفي كل شك في أن أولئك المتظاهرين إنما ينفذون أجندة خارجية طامعة . · احترم جداً كل حركة تدعو إلى إصلاح سياسي أو محاربة للفساد، لكن الأهداف الشريفة يجب أن تسلك طرقاً شريفة، و ما يحدث في البحرين من اضطراب ليس له أي علاقة بالإصلاح ولا بالسلم ولا بالشرف ، بل هو استغلال إيراني مكشوف لما تمر به المنطقة من عواصف وتغيرات من اجل تحقيق أطماع صفوية قديمة أفصحت عنها إيران غير مرة وعلى لسان أكثر من مسئول . · فارق شاسع بين الحركات الإصلاحية التي تصنعها الشعوب من الداخل لأهداف إصلاحية ، وبين المؤامرات والفتن الطائفية التي تحركها قوى خارجية بالريموت كنترول . [email protected]