قرأت في جريدة المدينة (4/4/1432ه) مشروع لائحة مراقبة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات، التي وافق عليها مجلس الشورى، بعد عدة دراسات ومناقشات استمرت لسنوات، وكانت موضع حوار كثير بين الأعضاء كان متركزاً حول ضرورة معالجة الأراضي الموروثة للمواطنين، ومنها ما هو متوارث على مدى قرون، وأن الملكية لا تنحصر في صكوك الاستحكام المستحدثة ولا في الإقطاعات (المنح) التي كثرت في السنين المتأخرة، بل الملكيات موجودة بطرق أخرى منها التوارث عن الآباء والأجداد الذي كان يثبت بين السكان بالاستفاضة، والوثائق، ومعرفة الأعيان والشيوخ والشهود الذين يعرفون الأملاك المتوارثة للأفراد وللأسر، وأنهم لا ينازعهم فيها منازع من سكان المنطقة الذين عاشوا معهم ومع أهلهم من قبل، وكانت تحل الخلافات بين الأفراد والأسر إذا حصل خلاف بينهم أو بينهم وبين غيرهم بقوانين وأعراف في القرى والهجر قبل انتشار المحاكم بعد توحيد المملكة، وكان قضاة المحاكم ينظرون في دعاوى الخلاف ويسمعون من الشهود ويحكمون قبل أن تحصر الملكية في حجة استحكام أو منحه. لقد اعترفت اللائحة بملكية الأراضي الموروثة وهي بذلك لا تقرر جديداً بل تثبت واقعاً لن يفيد تجاهله شيئا سوى مضاعفة الإشكالات والمشكلات، وهو واقع قرره ما كتبه المؤرخون وتوارثته الأجيال، إذ لا يمكن تصور أن الناس لم يكونوا يملكون مساكن ومزارع ومناحل وغيرها في العصور الماضية، ولذلك كان مؤلما ومستفزاً للمواطنين ما صرح به مسؤول في أمانة جدة قبل حوالى 3 سنوات من أنهم لا يعترفون بالوثائق القديمة ولا بأي شيء آخر يثبت الملكية، وكأنه بذلك يلغي تاريخ السكان الذين ورثوا الأرض جيلاً بعد جيل منذ قرون متتابعة، وبعضهم قد لا يعرف الجد المورِّث بسبب قِدَم الإرث، ولكن من لا يعرف التاريخ يأتي بالعجائب. لقد نصت اللائحة في فقرة (ب) من المادة الأولى بأن «الأراضي الحكومية هي الأراضي المنفكّة عن الملك أو الاختصاص، وتعد الأراضي المتوارثة أو المشمولة بوثائق إقطاع محل اختصاص لأصحابها حتى تثبت ملكيتها بصكوك شرعية» وهذا شيء جيد أن يعترف بالأرض لمن يثبت إرثها ثم يمكن أن يعطي صكاً مادام أن الملكية الآن تحتاج لهذه الوثيقة بواحد مما سبق الإشارة إليه من الاستفاضة أو الوثائق القديمة أو غيرها.. إن شمول اللائحة للأراضي الموروثة سيحل كثيراً من الإشكالات والقضايا الموروثة إذا طُلب من صاحب الأرض الإثبات ثم أُعطي صكاً، وسيقضي على منع الناس من التصرف في أراضيهم بل عدهم معتدين، ووقع كلمة معتد عليهم كبير، فهم ورثة وليسوا معتدين كمن جاء إلى أرض وسوّرها وهو ليس بوارث لها، وسيقضي بذلك على كثير من الدعاوى الكيدية التي أقامها بعض المدعين للأذى بسبب عدم الاعتراف بتوارث الملكيات وبخاصة في الأماكن البعيدة عن المدن.. إن تضمين اللائحة أن الأرض الموروثة محل اختصاص شيء جيد وسيسهم في حل كثير من القضايا، ولكن اللائحة مازالت بحاجة إلى تفصيلات فيما تلا المادة الأولى كما فصل في الاعتداء على الأراضي غير المتوارثة.