بادئ ذي بدء أثني على الشعب السعودي الوفي بجميع مذاهبه المختلفة، وقبائله، وعرقياته على هذه الوقفة الرائعة الذين أثبتوا من خلالها أنهم على مستوى الأحداث التي تعصف بعالمنا العربي، وأنهم بالفعل تنبهوا للمؤامرات والدسائس التي تحاك ضد مجتمعنا من قبل غوغائيين وقنوات إعلامية فضائية حاقدة، إننا بحق شعب متعلم ومثقف وواعٍِ وراقٍ، ونتعلم من الأخطاء التي وقع فيها الغير. إنه بالفعل شعب يحقن الدماء من أجل البناء وشعوب أخرى تم تحريضها على الفتنة والتظاهر والثورات من أجل هدر الدماء وهدم الأوطان وتماسكها. قنوات فضائية مسيسة تزعم أنها تلبس ثوب المثاليات والحريات وحقوق الإنسان وغيرها تصول وتجول في عالمنا العربي بدون منافس، وحققت كثيرًا من الإنجازات في تخريب الأوطان وتدميرها، وزرع الفتن والأحقاد بين مذاهبها الدينية وقبائلها وعرقياتها وزعزعة أمن واستقرار الشعوب واقتصادياتها التي لم تحققها قنوات أجنبية من قبل. فلو أخذنا على سبيل المثال القناة المسماة “العالم”، والتي تبث من طهران لوجدنا أن هذه القناة تتهجم علينا ليل نهار، وتتهمنا ونظام الحكم لدينا بأنه لا يسمح بالمظاهرات السلمية، وتناست قول الشاعر: لا تنه عن خلق وتأتي بمثله عار عليك إذا فعلت عظيم فكان من الأولى من هذه القناة أن تركز على الشأن الإيراني، وكيف أن أمير موسوي يفوز بالانتخابات الإيرانية وتقمعه ميليشيات البسيج والحرس الثوري وغيرها من المباحث والاستخبارات وبلطجية النظام الإيراني عندما تظاهر مظاهرات سلمية لاسترداد حقوقه المغتصبة. وعندما أراد موسوي مرات أخرى أن يتظاهر “مظاهرات سلمية أخرى” لاسترداد حقوقه المغتصبة في الانتخابات من قبل آيات إيران الحاكمة تم قمعه هو ومهدي كروبي والمؤيدين لهم وهم من نفس المذهب الشيعي، وقتلهم وسحقهم وتم إيداعهم السجن، والآن لا يعرف هل هم تحت الإقامة الجبرية أم غيره.. هذا مثال حي، والمثال الآخر وهو لإيرانيين يعتنقون المذهب السني تم تهميشهم بالكامل في وطنهم إيران ومناطقهم مهملة وأحياؤهم لا توجد فيها بنى تحتية، على الرغم من أن أحد الإيرانيين من المذهب الشيعي يقول: كنا أول لدينا ملياردير واحد اسمه “الشاه”، والآن لدينا مئات المليارديرين من الآيات والملالي في إيران، والشعب جائع ويقمع ويحجر عليه وتنتهك حقوقه من قبل عصابات المرشد وسكرتيره أحمدي نجاد الذين لا هم لهم إلا تحدي أمريكا والألاعيب المكشوفة مع الأمريكان، والضحية شعبنا في العراق الذي يحكمه ديكتاتور اسمه نوري المالكي الذي اغتصب السلطة مثل نجاد، وعندما اندلعت مظاهرات سلمية في العراق قام بقمعها، ولم نر “قناة العالم” تسلط الضوء عليه وتأتي بمعارضين عراقيين تستضيفهم كما هو الحاصل فيما يتعلق بالسعودية والبحرين ومصر وتونس واليمن وغيرها، لماذا؟ لأنه مدعوم من قبل مرشد الثورة الإيراني علي خامئني. المضحك في هذه القناة أنها تستضيف كل من يرى نفسه معارضًا، وفي الوقت ذاته تقطع الاتصالات على كل من يريد إبداء وجهة نظر مغايرة، أي أن الرأي والرأي الآخر مفقود ولا يوجد في هذه القناة، لماذا؟ لأنها تخالف توجهاتها، فهي قناة الرأي الواحد والتوجه الواحد في خلق الفتن ونشر الشائعات والأكاذيب. وفي المقابل لدينا إعلام مرئي فشل في مواجهة هذا الإعلام المسيس المنفلت فكان من المفترض ألا نجامل البتة ونطلق العنان لقناتنا الإخبارية التي كانت في وقت من الأوقات، تفوّقت على قنوات إعلامية عربية يصرف عليها مبالغ طائلة، وتقوم قناتنا الإخبارية باستضافة المعارضين الإيرانيين وباللغتين العربية والفارسية وهم بالملايين لفضح النظام الإيراني وتعريته في حين أن المعارضين الذين لدينا يعدون على الأصابع؟! فقناة “العالم” مارست التسلط والديكتاتورية الإعلامية والابتزاز السياسي على الدول العربية، مستغلة التعتيم الإعلامي الرسمي في بعض الدول العربية. وقد يقول قائل إن بعضًا من الإعلام العربي هو إعلام موجه، ونقول أيضًا إن الإعلام الأمريكي هو إعلام موجه، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعارض سياسات وتوجهات ومصالح أمريكا العليا، فالفرق هنا بين الإعلام الموجه الأمريكي والإعلام الرسمي العربي يكمن في الآلية الدقيقة للتنفيذ لخدمة مصالح المجتمعات العليا، فالإعلام الأمريكي نجح وبكل حرفية ومهنية في حين أن بعضًا من إعلامنا العربي فشل فشلًا ذريعًا في التنفيذ بسبب غياب الآلية والشجاعة والجرأة والمسؤولين التنفيذيين، في حين أن بعض الموجود منهم الآن لا هم لهم إلا المحافظة على كراسيهم ومصالحهم الشخصية وبالتالي غياب المقدرة في التجييش والحشد من الكفاءات الوطنية في مقارعة إعلام آخر موجه بكل دقة ومقارعة حجته، إذا كانت لديه، بالحجة وفق أسلوب منطقي علمي تحليلي مقنع. فبعض من إعلامنا العربي الرسمي وبعض من القائمين عليه هم متخصصون في عرض المسلسلات العربية والخليجية والمدبلجة من لغات أخرى إلى العربية أو من اللغة العربية إلى الانجليزية الهابطة التي تساعد على نشر الرذيلة والطلاق والانحلال الأخلاقي من صداقات غير شرعية وخيانات زوجية، إلى تصوير مجتمعاتنا العربية على أنها مرتع للمخدرات وتعاطيها وترويجها، إلى الاستهتار والاستهزاء بشرائح المجتمع من البادية وتصوير البدو على أنهم سذج لا يفهمون متخلفين في مسلسلاتهم الهابطة “مناحي” و“سكتم بكتم” و“طاش ما طاش” وغيرها من المسلسلات الهابطة المكررة عديمة الهدف والمغزى، والتي تصور أيضًا أبناء الجنوب والحجاز على أنهم سذج وتناسوا أن الحجازيين كانوا متقدمين في التعليم عن بقية مناطق المملكة، والبرامج الهزيلة التي لم ترتق إلى مستوى تلك القنوات الموجهة والمسيسة والتي عرفت كيف تركز بل تدغدغ مشاعر المشاهدين عندما ركزت على الفساد والمفسدين وعلى البطالة والسكن والمعيشة والحريات والحقوق المهدرة للشعوب والديمقراطيات ونحن في بعض قنواتنا الفضائية ما زلنا نغط في نوم عميق بل أصبحت عامل طرد بل يتفنن القائمون عليها في طرد المشاهدين من خلال برامجها الهزيلة التي لم ترتق إلى مستوى الأحداث التي نعايشها اليوم والبركة في البعض من مديري قنواتنا الفضائية الذين أنفسهم لا يشاهدونها في بيوتهم كونها لا تعرض إلا مسلسلات هابطة قد يكون البعض منهم طرفًا في إنتاجها وفرضها على المشاهدين وبالتالي كبروا المخدات في منازلهم، فالمهم هو تحقيق مكاسب شخصية على حساب نظام اجتماعي متكامل يبحث عن الحماية المفقودة في إعلامنا؟!! إعلامنا الرسمي المرئي وبخاصة القناة الأولى والإخبارية التي نملكها وغيرها من قنواتنا الرسمية، بخلاف قناتنا الثانية الناطقة باللغة الانجليزية، لم ترتق إلى الآن إلى تلك القنوات الفضائية الناطقة بالعربية والمسيسة التي أقل دعمًا من قبل المجتمع لها من الدعم الذي نعطيه نحن لقنواتنا الفضائية، فلو أخذنا الدعم الذي يعطى لبرنامج واحد أستحدث أخيرًا في قناتنا الأولى والمسمى ب “صباح السعودية” لغطى نفقات هذا البرنامج بدون مبالغة جميع قنواتنا الإعلامية بل حولها إلى إعلام هادف يدافع عن مجتمعنا ومكتسباتنا وتماسك جبهتنا الداخلية ووحدتنا الوطنية، فالذي أطاح في البعض من الزعامات العربية هي قنوات فضائية بعينها التي شحنت وحركت الشعوب المحتقنة لم تقابلها قنوات عربية رسمية محترفة أدى إلى تلك الفوضى والانفلات الأمني الذي نعايشه الآن في دول عربية وبالتالي يجب علينا غربلة قنواتنا الإعلامية من القمة إلى القاعدة وإلا فإن المهازل سوف تستمر والتي سوف تنعكس سلبًا على تماسك جبهتنا الداخلية إذا لم نتداركها. [email protected]