لم أقصد الحب الرومانسي المعروف، الذي ينشأ بين الحبيب ومحبوبته، بل قصدتُ ذلك الحب الذي جعلني أكتب لأول مرة في غير الإدارة، أو التنمية البشرية، ذلك الحب الذي شكَّل اللوحة البديعة الحقيقية التي شاهدتها أنا وعائلتي في كورنيش جدة يوم الأربعاء قبل الماضي، يوم وصول خادم الحرمين الشريفين بعد غياب ثلاثة شهور من رحلته العلاجية سالمًا معافى، شاهدتُ بعينيّ تلك الفرحة الصادقة، والنابعة من القلوب لكل فئات الشعب السعودي، بمختلف الأعمار، أفرادًا وعائلاتٍ، بل رأيتُ بعض الجاليات العربية أيضًا، ورأيت السعادة على وجوه تلك الحشود التي تزيّن بها كورنيش عروس البحر الأحمر، وأنا منهم، فالناس جميعها ترقص، وتغني، وترفع عَلم المملكة، وصور المليك ابتهاجًا بهذه العودة الميمونة. شعرتُ في تلك الليلة بأن هناك ثورة في الكورنيش مثل ثورة التحرير التي كانت في بلادي (مصر) منذ أسابيع، مع الاختلاف في المطالب، فثورة بلادي كانت مطالبها (العيش، والكرامة، والعدالة الاجتماعية، والديمقراطية، ونبذ الفساد)، أمّا هذه الثورة فهي ثورة حب، لم تكن لها مطالب، بل هي مشاعر أمّة تُعبِّر عن مدى حبها وابتهاجها بهذا اليوم، وكأنه عيد. لِمَ لا.. وهو الملك النبيل الذي انحاز إلى الإنسان منذ توليه الحكم، فلُقِّب بملك الإنسانية، وتَعهَّد للمواطنين بأنهم أمانة في عنقه، فاحترمه الشعب والعالم أجمع، واهتم بالمواطنين، وتحسين مستواهم المعيشي، بنفس القدر الذي اهتم فيه بتنمية اقتصاد بلده، وفي الوقت الذي يتجلّى فيه تواضع هذا الرجل، عندما يقول لشعبه عند وصوله لأرض الوطن: (سامحوني لا أستطيع السلام عليكم جميعًا).. ويقول: (ما دام أنتم بخير أنا بخير). في حين يطل علينا الزعيم الليبي على شاشات الفضائيات، يسب مواطنيه، ويصفهم بالجراثيم، والجرذان، ويتوعّد المتظاهرين بالسحق، وأنه سوف يقوم بتطهير ليبيا شبرًا شبرًا من المحتجين، هذا غير المذبحة الدموية التي يُقال إنها وصلت إلى أكثر من عشرة آلاف قتيل وجريح، وذلك بعد أن طارد المحتجين من مواطنيه بالطائرات، والدبابات، والمرتزقة، بل هناك احتمالات لاستخدامه الأسلحة الكيميائية في التصدّي للمظاهرات. وفي نفس الوقت، وعودة للملك عبدالله الذي كان يتابع شؤون وطنه ومواطنيه وهو على سرير المرض خارج البلاد، وعندما وصل إلى وطنه وأبنائه بحفظ الله ورعايته. أصدر حزمة من الأوامر الملكية التي تصب كلها في مصلحة المواطن، متمثلة في عدة قرارات تنموية لجميع فئات الشعب، وتحفيزًا للشباب، وتسديدًا عن المعسرين، ودعمًا للمحتاجين، ومساندة للأندية الأدبية والرياضية. حتى ذوي الاحتياجات الخاصة لم يَنْسَهُم.. بحق، هو ملك الإنسانية، وملك ومالك القلوب، فهل هناك أروع من هذا الحب المتبادل بين الشعب ومليكه؟ فنعم الملك، ونعم القائد، وهنيئًا للشعب السعودي بهذا الملك، وهنيئًا للعرب بهذا النموذج من الزعماء الذي يجب أن يُقتدى به، وعودًا حميدًا. فاكس: 6199473 [email protected]