قد نختلف مع الإعلام الغربي وخصوصاً لجهة تناوله قضايا العالم الإسلامي والعربي ولكن العقلاء يتفقون على قدرة هذا الإعلام بوسائله المختلفة على ضبط سلوكيات وتصرفات المسؤولين عن قضايا المجتمع الذين يختارهم أفراده لتسيير شؤون حياتهم. والأمثلة كثيرة ولكنني اكتفي بإيراد مثال بسيط ومحدد فلقد وقف الوزير الأبرز في حكومة العمال السابقة في بريطانيا – في ديسمبر 2004م ويدعى ديفيد بلانكيت David-Blunkett وكان أحد المقربين لرئيس الوزراء –آنذاك- توني بلير، وقف هذا الوزير الذي يحتل وزارة تؤهله في مستقبل حياته ليكون رئيساً للوزراء وأعلن أمام الصحافيين المتجمعين خارج مكتبه بأنه يستقيل من منصبه الهام، والسبب ربما كان في نظرنا نحن – مجتمعات العالم الثالث – بسيطاً جداً ولكنه بالنسبة للنظام الديمقراطي الغربي هو أمر في غاية الخطورة، فلقد دفع بلانكيت بطلب تأشيرة حاضنة أو مربية لابنته التي انفصل عن والدتها وتحتاج لرعاية خاصة، ولكنه بعد مضي مدة طلب من القطاع الخاص والمسؤول عن هذا الأمر بالإسراع في تنفيذ الطلب، ولما أفشى بعض العاملين هذا الخبر، خرجت الصحف البريطانية الرصينة والشعبية على حد سواء لتنتقده على سلوكه هذا معتبرة إياه إخلالا بالنظام الذي يفترض أن يحافظ عليه ويصونه من كل عبث، وأضيف أنه على الرغم من العلاقة الوثيقة التي تربط بلير بصديقه بلانكيت إلا أنه لم يستطع حمايته ولو فعل لكان سقط هو الآخر، ولعلي تذكرت هذه الحادثة وأنا اقرأ في صحافتنا عن قضية الشهادة المزورة التي لم يرض أحد الملاحق الثقافيين خيانة ضميره فكشف عن حجم الضغوط التي تعرض لها لإخفاء الأمر وهو موقف وطني يفترض أن يشكر عليه ليتدبر به غيره من المسؤولين والعاملين. أما القضية الثانية فهو ما سعت للكشف عنه هذه الصحيفة الغراء –أخيراً- عن لوبي المنح في أمانة المدينةالمنورة –قديماً وحديثاً- حيث وثقت بالرسوم البيانية موقع القطع التي خص بها المسؤول – والذي وضعت فيه أمانة ورعاية حقوق الآخرين خص أبناءه وأقاربه بالقسط الوافر منها وخصوصاً في كورنيش الرايس بمدينة بدر، التي تحتضن التاريخ الطاهر والمضيء لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم، وأتساءل ألسنا أحق كأمة من الغرب بتلك الشفافية وذلك الصدق؟! وفي الختام لابد من توجيه الشكر لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينةالمنورة على اهتمامه البالغ بهذا الملف ونتطلع أن يكون العقاب صارماً ونافذاً ويتوجه للكبار من المسؤولين قبل الصغار منهم، ويا أمان الخائفين.