يقول المولى عز وجل (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُّفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) فلمن يدقق في الاية وفي صيغة الكلام الموجه يجد ان الله تبارك وتعالى يتحاور مع الملائكة الكرام في خلق آدم وهو الله سبحانه من يعلم السر واخفى ويعلم ما في السموات والارض فهنا تكمن روحانية كتاب الله بأنه يرسل اشارات غير مباشرة ليتدبر الانسان في مفهوم الايات وليس ان ياخذ المعلومة ببساطتها وسطحيتها .. فالحوار هو امر بالغ الاهمية وهي لغة الحضارة وقد ذكرت في القران من الاف السنين!! فالحوار سمة العقلاء والراكضين خلف الحقيقة والاعتدال فاين ما وجد الحوار في مكان فانه دلالة على التحضر والاتزان فالمحاور يجب ان يكون له اسبابه في التحاور وليس فقط لمجرد الجدل ! فمن الممكن ان تكون المحاورة بين الاب مع ابنه او رئيس العمل مع مرؤوسيه او الزوج مع زوجته او حتى الانسان مع نفسه وللحوار فن متى ما أُتقن فإنه يجني ثمار السعادة والطُمأنينة. لا تغضب عندما ترى من الاخرين أمرا لايروق لك او يقف ضد رأيك الشخصي ونظرتك فاختلاف الاراء كما قالوا لا يفسد للود قضية ويجب لتعدد الأراء ان تكون بنّاءة تبني بعضها بعض لا أن تلغي بعضها بعضا ً يجب أن نتعلم ان الله سبحانه عندما ردّوا عليه الملائكة ردوا بكل خشوع وتواضع وردهم كان بحسب علمهم ( قالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُّفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) فاثبت الله لهم سبحانه وهو الخالق المتعالى الذي يقول للشيء كن فيكون والذي لا يحتاج ان يثبت لعلمه وقدرته سبحانه ولكن هذا لاهمية الحوار وتقدير المخلوق ورفعته(إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) ثم قال تبارك وتعالى (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) وانتهى الحوار عندما قالوا (قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم) مثل كثير من اناس قد تغيب الحقيقة عن اعينهم لوهلة وذلك بسبب الانفعال او الجهل اللحظي ربما ! فيجب ان نقرن مع هذا الفن فنا اخر وهو فن الاستماع والانصات ومتى ما تعلمنا كيف نحاور الاخرين تجلت لنا الحقائق ومنعنا انفسنا من الشقاق والعداوة إنّ لهذا الموضوع بحرا من الكلام والنصائح ولكن خلاصته الحوار جاء في السماء بين رب معبود تعالى وتجلى وبين خلق معصوم فما بالك عندما يتعلق الامر بين الخلق فيما بينهم وهم خلقوا على فطرة ان يخطئوا !! فالصبر وفي الحوار فرج عبدالله المغربي -جدة