رغم أنني لا أكن لبلاد فارس أي عداء ، ولا أضمر للشعب الإيراني أي مشاعر حقد أو ضغينة ، فإنني أعترف بأنني أصبحت لا أطيق ذكر اسم إيران أمامي ، ولا أتحمل مشاهدة موقعها على الخريطة ، ولا أستطيع رؤية أحد قادتها أو شخصياتها السياسية بمختلف ميولها : المحسوبين على المعارضة والمحسوبين على النظام ، والمحسوبين على تيار الإصلاح والمحسوبين على تيار المحافظين . أخبار إيران لا تعنيني كمواطن عربي بقدر ما تعنيني أخبار البلاد العربية . صحيح أن إيران دولة مسلمة وجارة نكن لشعبها المودة والاحترام ، إلا أن المبالغة في الاهتمام بأمر ما قد تفقد هذا الأمر أهميته وقد تؤدي إلى إصابة الناس بالضجر من كل ما يتعلق بهذا الأمر سواء من قريب أو من بعيد . وهو ما حدث ويحدث مع المشاهد والقارئ العربي إزاء إيران التي مللنا ذكرها وضجرنا من كل ما يمت إليها بصلة ، إبتداء بلعبتي الطاولة والشطرنج ، وانتهاء بالزعفران . حتى الفستق الإيراني لم أعد آكله ، وأصبحت أفضل عليه الفول السوداني دون أن أهتم كثيرا بما إذا كان هذا الفول من إنتاج السودان أم دولة الجنوب أم إقليم أبيي المتنازع عليه . حتى أثناء ثورات الشعوب العربية المجيدة ، كنا نستمع إلى اسم إيران أكثر مما نستمع إلى اسم مصر وتونس وليبيا . الشعوب العربية تصنع الحدث ، وينسب الفضل في ذلك للإيرانيين ..! لماذا ..؟ وبأي حق ..؟! لا أدري .. كل ما أعرفه أننا كنا ولا زلنا نستمع إلى اسم إيران خلال ثورات التحرر والتحرير ، وكأن إيران هي التي خططت ونفذت وأنفقت الأموال وأرسلت الرجال ، في حين اقتصر دور الشعوب العربية على مباركة خطى إيران الرامية لاجتثاث تلك الأنظمة المستبدة لا أعاد الله أيامها ! الشعوب العربية يا ناس ليست لعبة في يد الإيرانيين أو غيرهم . الشعوب العربية أثبتت أنها تتمتع بوعي سياسي في منتهى النضج ، كما أثبتت أنها تمتلك ضميرا حيا وروحا لا ترضخ للظلم ولا ترضى بالعبودية . وكل ذلك ليس له علاقة من قريب أو بعيد ، بإيران التي أكرر احترامي لها ومحبتي لشعبها . رفقا بنا أيها المهووسون بالخطر الإيراني .. فقد أسأتم للعرب من حيث أردتم الإساءة إلى إيران .