من الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين المتعلقة بأمور معيشية للمواطن أمران يتعلقان بالتوظيف، ووجود فرصة عمل تؤمّن للشبان والشابات فرص عيش كريم: أولهما تشكيل لجنة عليا لدراسة تزايد خريجي وخريجات الجامعات المعدين للتدريس في ظل محدودية فرص العمل الحكومي، وثانيهما توظيف جزء من موارد صندوق الموارد البشرية لإقرار إعانة مالية مؤقتة للشباب الباحث عن العمل في إطار حل عاجل وقابل للتطبيق في هذه المرحلة. وهذان الأمران شملا كل الباحثين عن فرص عمل، وهي مشكلة ظاهرة، وإن كانت بين الشابات أكثر منها بين الشباب، وقد عبّر عن ذلك الأمران حيث ورد في الأول: «استشعارًا لأهمية تزايد أعداد خريجي الجامعات المعدين للتدريس، من أبنائنا وبناتنا في ظل محدودية فرص العمل الحكومي، هو أمر مدعاة للاهتمام من منطلق الأمانة الملقاة على عاتقنا، ولها النصيب الأكبر من اهتماماتنا»، وورد في الأمر الثاني: «إن مشكلة البطالة التي يعاني منها أبناؤنا وبناتنا تأخذ الحيّز الأكبر من اهتمامنا»، وقد طُلب في الأول وضع حلول عملية وسريعة مناسبة للقطاعين: الحكومي والخاص، ويلاحظ أن مفردات الأمر نصّت على أن تكون الحلول عملية، وسريعة، ومناسبة، وأن تشمل القطاع الحكومي والخاص، وإذا أخذت هذه المفردات بالتطبيق فإن كثيرًا من الباحثين عن عمل في التدريس سيجدون فرصتهم، وبخاصة إذا حل موضوع التوظيف في المدارس الأهلية التي تعطي راتبًا زهيدًا مع عمل كثيف، بل يشعر المعلم أو المعلمة أن الراتب كأنه صدقة أحيانًا من كثرة ما يسمع أو يرى من تعامل إداريي هذه المدارس، وعدم تحديد المرتب المناسب، وتوقيع عقد بين الطرفين، بل يسوّف صاحب العمل في توقيع العقد بهدف التضييق على الموظف ليترك العمل، أو ينهي صاحب العمل عمل الموظف، وليس بين يديه عقد، والعقد شريعة المتعاقدين، وهذا يشمل المدارس الأهلية: الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ومعاهد التدريب الأهلية بكل أنواعها، في حين يوجد في هذه المدارس والمعاهد موظفون غير مواطنين، وقد يكونون هم المسؤولين، وقد ورد في الأمر الملكي: «وحرصًا منّا للبحث عن وسائل تؤدّي لحل هذه المشكلة بشكل فاعل، ويحقق لأبنائنا وبناتنا ما يصبون إليه»، وإنما يتحقق هذا بوضع ضوابط واضحة ودقيقة تحدد حق الموظف، وحق صاحب العمل، بما في ذلك تحديد المرتب والبدلات الأخرى في عقد مفصل البنود، يكون لدى كل طرف صورة منه، بما في ذلك تحديد مدة زمنية يبلغ كل طرفٍ الطرف الآخر بإنهاء العقد قبل مدة محددة كنهاية فصل دراسي على ألا تقل عن ثلاثة أشهر. أمّا صندوق الموارد البشرية فإن ثمار عطائه حتى الآن محدودة، ولم نقرأ بيانًا عن عدد مَن وظّفهم من الشباب، ولا عن كيفية تعامل جهات التوظيف، بل يُقال إن بعض جهات التوظيف تكتفي بالإعانة المقدمة من الصندوق دون صرف النصف الآخر من جهة التوظيف، ولذا فإن العبارة الواردة في الأمر الملكي دقيقة حين قالت: «إن صندوق تنمية الموارد البشرية تمكّن نوعًا ما من أن يكون رافدًا قويًّا لتوظيف الشباب». والملاحظ أن وزارة العمل صارت تعمل في مجال التأشيرات أكثر من عملها في مجال التوظيف، ولقد أصاب الأمر الملكي عين الحقيقة عندما نصّ على: «أن تقوم وزارة العمل بإعداد دراسة متكاملة عاجلة حول تفعيل البرنامجين الواردين في الأمر في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخه»، وهما إحلال العمالة الوطنية بدلاً من الوافدة، ووضع برنامج عمل للتأمين التعاوني للمواطنين العاطلين عن العمل. البطالة من أهم المشكلات الاجتماعية التي تواجه الشباب، وإذا وجد العمل سيحل كثيرًا من المشكلات، وقد جاء الأمران موجّهين للبحث عن وسائل تحل هذه المشكلة، فالشباب هم أغلبية السكان، وهم المحتاجون للعمل لبناء حياتهم: زواجًا وسكنًا ومعيشة مناسبة.