لم تكن البطالة المتفشية قاصرة علينا كبلد غني، بل هي مشكلة يعاني منها معظم بلدان العالم بما فيها الأكثر ثراء، إلا أنه يجب علينا أن نعترف بأن بعض شبابنا يساعد على زيادة ارتفاع معدلاتها نتيجة عدم إقباله على الوظائف المهنية والحرفية تأففًا من البعض، ولعدم رغبة البعض الآخر في العمل على فترتين، إضافة إلى ما تقدمه الشركات لأولئك من مرتبات ذات مستوى متدنٍ لا يفي بمتطلبات الحياة الكريمة، ولا تعادل ما يعطى للعمالة الأجنبية. أكتب ذلك، وبين يدي نص الحديث الذي أدلى به الدكتور (جون اسفكيا ناكيس) كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي لجريدة الرياض، الذي جاء في طياته: «بأن الاعتماد المفرط على العمالة الأجنبية سبب البطالة، وبأن سياسة السعودة غير فعالة»، ولا أعرف إن كان هذا الحديث الذي يتسم بالكثير من الواقع، والمستدل على إحصائيات رسمية، لا أعرف إن كان قد تم قبل أو بعد القرارات الملكية الأخيرة التي ملأت في ظني كل فراغات الأسئلة التي شدد عليها السيد (جون) في حديثه ذاك، وجعلتها متأخرة في أحكامها. فشراء بيت، وتكوين أسرة، لم تعد بعيدة عن متناول الفرد السعودي عقب الضخ المالي الذي شهدته صناديق الضمان الاجتماعي، وبنك التنمية العقاري، وقطاع الإسكان، والذي سيساهم في دورة عجلة البناء، ويقضي على قوائم الانتظار الطويلة، ويختصر الزمن على المتقدمين بطلب الزواج، فالدعم الأخير الذي بلغ 40 مليار سيمكن أكثر من 130 ألف مواطن لتملك مساكن حسب التقريرات الرسمية. يستشهد الدكتور (جون) ببيانات وزارة العمل قائلا: «بأنه فيما بين الأعوام 2005 و2009 كانت هناك (2.2) مليون فرصة عمل وفرها القطاع الخاص، لم يحصل السعوديون منها إلا على أقل من 9%». وأرى أن هذا أمر طبيعي أمام التسهيلات التي تمنحها وزارة العمل التي تغدق بسخاء على القطاع الخاص بمنحه التأشيرات لدرجة وصل معها عدد الوافدين العاملين في القطاع الخاص عام 2009 حسب بيانات الوزارة حوالي (6.21) مليون عامل من أصل (6.89) مليون عامل. وهو إجراء يساهم في ارتفاع معدلات نمو البطالة، لاسيما وأن بعض هذه العمالة تقبل بأقل القليل. والمعالجة السريعة أتت هذه المرة من قبل خادم الحرمين الشريفين الذي أمر بتقديم إعانة مالية مؤقتة للشباب الباحث عن العمل، وتكليف وزارة العمل بإعداد دراسة عاجلة لهذه المشكلة، وتقديم مرئياتها حول الأسباب التي عرقلت مساعيها نحو سعودة الوظائف في القطاع الخاص طوال هذه المدة. نأمل خيرًا في اللجنة المتعلقة بعمل الخريجين، التي يرأسها سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز، وهي اللجنة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين لإيجاد الحلول المناسبة للتوظيف، آملين أن تسعى إلى تطويع القطاع الخاص لاستيعاب أولئك الخريجين، وغلق المنافذ أمام وزارة العمل وعرقلة نشاطها التوطيني للعمالة الأجنبية، حتى تتمكن من إيجاد الفرص المناسبة لأولئك الشباب.