تزخر المملكة بالكثير من الآثار التي سجلها التاريخ لأمم سابقة سكنت أرجاء الجزيرة العربية منذ آلاف السنين، وبقيت آثارها كشواهد تاريخية لعظمة تلك الأمم وتقدمها في شتى مناحي الحياة من: أنشطة حضرية، وفنون معمارية مثل فن البناء والتشييد، وهندسة قنوات الري، وتوزيع الحصص المائية، بنظام فني بديع أدهش من جاء بعدهم لدقة التنفيذ وروعة البناء وخلود الآثار حتى يومنا هذا. يجول بخواطرنا قول الشاعر الذي يقول: هذه آثارنا تدل علينا فإذا مِتنا فانظروا إلى الآثار أثار عظيمة ما زالت باقية كشواهد على حضارات سادت ثم بادت ونهضة أمم سابقة في هذا الجزء المميز من العالم. فهذه مكةالمكرمة – زادها الله رفعة وتشريفا – يوجد فيها الكثير من الآثار الخالدة الممثلة في جبالها، وشعابها، وأوديتها، ومشاعرها المقدسة، فكل موضع فيها له معنى ودلالة وأثر خالد في نفوس المسلمين. وهذه طيبة الطيبة على ساكنها - أفضل الصلاة وأزكى السلام - تميزت بالكثير من الآثار التي قلما يوجد لها مثيل في العالم، لأنها تضوعت مسكا وطيبا بأنفاس المصطفى – صلى الله عليه وسلم – وزاد من عظمتها ورونقها بأنها شرفت بحب النبي المصطفى – صلى الله عليه وسلم - لها، وتردده عليها، وارتباطه الوثيق بها، ودعائه بالبركة لها. وبذلك نالت شرف صحبة النبي لها في غدواته وروحاته، وتنقلاته بين جنباتها: جبالها، وسهولها، وحِرارها، وأوديتها، فأحبها وأستأنس بها – صلى الله عليه وسلم – فبادلته الحب بالعطاء، والفداء، والمشاركة بالذود عنه في أوقات الشدة والبلاء. فهذا أُحد الذي يقول فيه – صلى الله عليه وسلم – « أحد جبل يحبنا ونحبه»، وهذا وادي العقيق (الوادي المبارك) الذي كان يحبه ويهوي إليه، وهذه حرة شوران التي يقول فيها – عليه الصلاة والسلام – «بارك الله في شوران». ولعلك تعجب كل العجب حين تجد أن المدينةالمنورة ( مابين عَيْر إلى ثور وما بين واقم إلى الوبرة) كلها آثار وكل موضع قدم فيها فيه أثر للنبي – صلى الله عليه وسلم – لأنه يقول « المدينة كلها حرم من عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه عدل ولا صرف». فكيف نحافظ على آثارنا ونحميها من الطمس والاندثار ونبقي عليها بدون هدم أو إزالة أو تعدٍ أو إهمال؟ كيف نحافظ على آثارنا حتى تبقى خالدة يستمتع برؤياها جميع المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها، وهي بذلك خير دليل على عظمة ما تركه السلف الصالح من هذه الأمة؟ إن في محافظتنا على آثارنا دلالة واضحة على رقينا وسماحة ديننا. فاللهم احفظ كل من حفظ آثار نبيك ومصطفاك – صلى الله عليه وسلم – وسعى في الحفاظ عليها وصيانتها والعناية بها من الاندثار، وأنر بصيرة كل من حاول طمس هويتها (هدمها أو إزالتها) وأعده إلى رشده لكي يسهم في الحفاظ على موروثات المسلمين حتى تبقى شواهد حية على تاريخنا العظيم. [email protected]