* وأنا أقرأ الردود من مناصري حركة الإخوان المصرية على مقالي الأربعاء الماضي، قلت في نفسي: نستعجب أن يخرج علينا معمر القذافي بخطاب ولغة انفعالية، وتعابير وصفات غير لائقة، ونحن كشعوب نستخدم كل المفردات غير اللائقة، بل والشتم، والردح الشخصي لمجرد اختلاف أحد معنا. ولا آسي بحق على أصحاب الردود، بل أسعد بها؛ لأنها توضّح كيف أن مَن يدّعون انتسابهم إلى أعظم دين سماوي في تاريخ البشرية، لا يقبلون باختلاف الآخرين معهم، ويسعون بكل قواهم إلى النَّيل الشخصي منهم بأساليب لا تدل سوى على مستوى عقلياتهم، وتكويناتهم المعرفية والنفسية. * ولأن الكاميرا لها وجها خير وشر، فهي كما تُلمّع تفضح، كذلك الكتابة التي ليس لها من تفسير سوى أنها انعكاس لدواخل الأشخاص، فاستميح القرّاء لأجل هذا في استمرارية نشر بعض من الردود التي عقّب بها مناصرو جماعة الإخوان على مقالي في موقع الجريدة الإليكترونية، وإن كنت لا زلت مؤمنًا أن من لديه الثقة في ذاته لا يتخفّى بأسماء وألقاب وهمية، إلاّ أن يكون مرعوبًا، أو خجلاً من شيء. * قارئ سمّى نفسه منصف يقول: «مسكين يا د.عبدالرحمن، كنت أود أن أعلّق وأكتب، لكن بعد أن قرأت التعليقات التي أثلجت صدري أكتفي بالقول لجريدتنا الغرّاء أن تحترم عقولنا، وتكف عن نشر مثل هذه المقالات التي دون مستوانا بكثير. وكفاك يا دكتور استخفافًا بالعقول».. ثم يقول: «الشيخ (يقصد القرضاوي) يا جاهل بعمرك، وهو في العلم. والشيخ في مصر، ولم يخرج منها بإرادته». وهو ما يتفق معه قارئ خفي آخر سمّى نفسه ريمووو: “اتفق مع جميع المعلقين قبلي. لكن استغرب هل أنت مقتنع تمامًا بما ذكرت”. * وقارئ خفي آخر يناصر القرضاوي لقّب نفسه (هاي) يقول: «هل تعلم أيُّها الكاتب العزيز أن الإخوان هم الشريحة الأكبر في مصر، من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها؟ هل تعلم أن الشيخ القرضاوي هو إمام المسلمين، ومرجع لعلمائهم، إلاّ أنه نشأ في مدرسة الإخوان، وتأهّل لقيادة المسلمين، وليس الإخوان فحسب؟ هل تعلم أيُّها الكاتب العزيز أننا في عام 2011م»؟. * ومناصر إخواني آخر ذكر اسمه صراحة، وإن لم يكن ثلاثيًّا هو خالد العمري يقول: “والله فرحت من ردود مَن سبقني كقاعدة عندما أشاهد كاتبًا، أو وسيلة إعلام تهاجم بالاسم، والتجريح شخصًا، أو قناة، أو جماعة فأعرف أنها على حق. لماذا تذكر هذه القنوات بالاسم؟ لماذا التهجم على القرضاوي؟ الإخوان هم الأكثر في مصر رغم أن معظم قيادييهم في السجون منذ النظام السابق، دع الإخوان يشاركون الإخوان في مصر الفرح. ولتتفرغ أستاذي لشؤون جدة وسيولها». * وقارئ خفي آخر باسم (رأي آخر) يقول: «نحن لم نعد نستقي المعلومات من مصادر ذات توجهات، نحن بدأنا التحرر.. لم يسعى الإخوان لشيء ممّا قلت، الله يرحم والديك، إذا مصطفى الفقي، وهو أحد أكبر المدافعين، وجزء من النظام المصري المخلوع، لم يصفهم بما وصفت بعد الثورة، وهو يعلم عنهم أضعاف ما تعلم أنت.. اتقِّ يومًا ستُسأل عن ما قلت، وما فعلت. وعلى فكرة ليس هناك إخوان مسلمون في تونس، حركة النهضة ليست إخوان». * لم أتدخل أبدًا في صياغة الجمل، أو تعديل اللغة في كل الردود السابقة، بل تركتها كما هي لتبيان مستوى مدافعي الإخوان المعرفي، كما لم أصحح، ولن أصحح بعض المعلومات المغلوطة من مثل أن حزب، أو حركة النهضة في تونس ليست إخوانية!! كما لن أسعى إطلاقًا إلى الرد على بعض الألفاظ التي لا تدل سوى على المستوى الأخلاقي لكُتّابها، أو أن أُحلل فكر ومكانة وأهداف القرضاوي والإخوان، فكل أدبياتهم المتوفرة في الأسواق من أيام حسن البنا، ومرورًا بسيد قطب، ومحمد قطب، وغيرهم سواء في مصر أو سوريا أو الأردن أو تونس تؤكد حركيتهم، وسعيهم إلى إقامة الحاكمية الإلهية، وتكفير الحكومات والمجتمعات. ولكن ما أود التركيز عليه في إيراد كل هذه الردود هو ترسخ قناعتي بانتهازية العقلية الإخوانية، وسعيها إلى إلغاء الآخر، والواضحة كالشمس في رابعة النهار في ثنايا ردود مناصري الإخوان!!. فاكس: 6718388 – جدة [email protected]