الابتلاء من السنن الكونية سّنها الله في خلقه، وأحيانًا يكون الابتلاء امتحانًا واختبارًا لهم وتكفيرًا عن ذنوبهم، قال تعالى: (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه) ولا يخفى عليكم إن الحياة مليئة بالمصائب والابتلاءات، وكل يوم جديد يطل علينا نتوقع فيه الابتلاء وان كل إنسان عرضة لكثير من الابتلاءات والمفاجآت فمنهم من يبتلى بنفسه ومنهم من يبتلى بماله ومنهم من يبتلى بزوجته ومنهم من يبتلى بأولاده ومنهم من يبتلى بمرضه ومنهم من يبتلى بجاره ومنهم من يبتلى بوالديه ومنهم من يبتلى في عمله ومنهم من يبتلى بأشخاص نفوسهم ضعيفة مليئة بالحقد والحسد والضغينة، الله سبحانه وتعالى يبتلينا لا ليعذبنا ولكن ليرحمنا (إن أمر المؤمن كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له) فنحن أمام امتحان كبير في هذه الدنيا فكل ما فيها امتحان وابتلاء فالمال امتحان والزوجة والأولاد امتحان والغنى والفقر امتحان والصحة والمرض امتحان وكلنا ممتحنون في كل ما نملك في هذه الحياة فالله سبحانه وتعالي قسم للناس معايشهم وأرزاقهم وآجالهم فالرزق مقسوم والمرض مقسوم والعافية مقسومة والعمل مقسوم حتى الموت مقسوم في الزمان والمكان. فارض بما قسم الله لك لا تجزع بالمرض ولا تكره القدر ولا تسب الدهر فالكون يسير وفق أنظمة وقوانين وسنن إلهية مقننة، يعز من يشاء ويذل من يشاء ويبتلى من يشاء واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك فالابتلاء امتحان حقيقي لبني البشر كافة فربما يكون الابتلاء من باب التذكرة والإنذار للعبد بمراجعة نفسه لكونه غافلًا عن ذكر الله مفرطًا في علاقته بالله عز وجل وربما يكون الابتلاء عقوبة من الله ليحرم العبد في الرزق بذنبه فربما كان على معصية فالابتلاء يذكر المرء بعيوبه لمعرفة مكامن الخلل وإصلاحه وفرصة كبيرة للتوبة قبل أن يحل العذاب الأكبر يوم العرض الأكبر والعذاب الأدنى هو نكد الحياة ونغصها فالله سبحانه وتعالى لا يظلم الناس شيئًا ولكن الناس أنفسهم يظلمون. فعلى المرء أن يدرك أن ما يقع في حياته من آلام ومصائب قد تكون جزءًا لا يتجزأ منه فالابتلاء دائمًا يذكرنا بالأجل وان الحياة الدنيوية ليست دار مقر وإنما هي دار ممر (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا... واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا) أسأل الله وإياكم أن يجعلنا من الصابرين على البلاء. عيسي سعيد أحمد - مكة المكرمة