ما بين متلهف للعودة إلى منزله ومتشائم لا يرغب في هذه العودة بل يفكر في “تطليق” الحي إلى الأبد، تلك هي حال سكان مخطط أم الخير ونظرتهم إلى المستقبل بعد أن أجبرتهم سيول الأربعاء على الرحيل المر .. فهنالك من يتطلع إلى العودة السريعة إلى منزله الذي طال ابتعاده القسري عنه، فيما آخرون يفكرون بالبيع دون النظر إلى حجم العائد المادي. وتعمل الفئة الأولى على إعادة تأثيث منازلها ولو بأثاث بسيط ريثما يتم صرف التعويضات لتعيد التأثيث بما يحقق لهم اجتماع الأسرة تحت سقفه مرة أخرى حتى ولو تداهمهم السيول مرات ومرات، أما الفئة الثانية فتعمل على إعادة تأثيثه ولكنها لم تلغِ فكرة البيع بعد أن أيقنت بأن منزلهم يقع في مجرى سيل لا يرحم من يعترض طريقه. وعلى المستوى الرسمي يتواصل العمل لإعادة سد مجرى أم الخير إلى وضعه الطبيعي بعد أن تعرض للإنهيار من قوة اندفاع السيل الذي داهم مدينة جدة مؤخرا. وهكذا تحول مخطط أم الخير إلى ورشة عمل لا تهدأ على مدار اليوم، ما بين سكان يسابقون الزمن لإعادة تنظيف وترميم منازلهم بمشاركة فاعلة من متطوعي “التدريب التقني والمهني”، وما بين معدات وآليات الأمانة التي تعمل هي الأخرى لاحتواء آثار الكارثة وإعادة الحياة في الحي إلى وضعها الطبيعي. لم أعد متحمسا للعودة عن هذا الواقع تحدث ل “المدينة” عدد من سكان الحي منهم زكريا أحمد الذي كان يراقب عمال النظافة وهم يقومون بتنظيف منزله، وهو يقول: “لم أعد متلهفا أو متحمسا للعودة إلى منزلي الذي كلفني مبالغ طائلة، حيث قمت بإعادة تأثيثه ثلاث مرات بعد أن دمرته السيول، ولو جاءني من يرغب في الشراء لن أتردد في البيع له حتى ولو بالخسارة”. وعن التعويض قال: “نحن ننتظره لنعيد ترميم المنزل وتأثيثه مرة أخرى، ولكن المؤكد أننا في مجرى للسيول، وهنالك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي فيه عن السكن أو النوم في بطون الأودية ومجاري السيول، ونتمنى إذا كانت هناك إزالة أن يكون التعويض في أماكن أخرى أكثر أمانا بعيدا عن مجاري السيول”. رأي مخالف ولا يتفق معه في هذا الرأي وليد محمد حيث يقول: “أنا وأبنائي كلنا شوق وأمل في العودة سريعا لمنزلنا الذي لم ولن نجد الراحة في غيره، فأسرتنا مكونة من سبعة أشخاص كان يجمعنا منزل واحد، وأصبحنا الآن موزعين في موقعين منفصلين بالشقق المفروشة، وقد قمت بتنظيف المنزل الذي أتلفت السيول جميع ما فيه من أثاث بالدور الأرضي، وانتظر التعويض الذي اتمنى أن يكون مجزيا ومرضيا لأقوم بإعادة التأثيث تمهيدا للعودة إليه ثانية”. وعن مدى خوفه من خطر السيول قال: “الأوضاع مطمئنة فهناك مشاريع بدأ العمل فيها من أجل حماية أم الخير وجدة بكاملها من السيول، ونتمنى أن تكون هذه المشاريع على درجة عالية من الكفاءة والجودة وفق ما تم التخطيط له وأن تفي بغرض الحماية”. وأثنى وليد على الدور الذي يقوم به شباب الوطن المتطوعون من منسوبي التدريب التقني والمهني، الذين يشاركون الأهالي في إعادة تأهيل الحي خاصة في الجوانب الحرفية من نجارة وسباكة وغيرها.