من الطبيعي ومن المفترض أن تشد أحداث مصر أنظار الأمة بأسرها ، فمصر تعني الكثير لكل مواطن عربي يعي جيدًا دورها الحضاري ، وثقلها الاستراتيجي ، وموقعها العبقري وسط العالم ، وما قدمته من عطاء سخي للإنسانية جمعاء عبر العصور منذ فجر التاريخ. لذا فإنه من المستغرب أن تواجه مصرنا هذا السيل الطافح من النصائح والمواعظ من أطراف إقليمية ودولية عدة ، لا يخفى على أحد ما يحمله الكثير منها من أحقاد وسموم ، لا سيما عندما تتخذ شكل التحريض بما يعتبر في لغة السياسة تدخلا في الشأن الداخلي المصري الذي يخص الشعب المصري وحده. مصر تحتاج من خلصاء الأمة ، الأوفياء لعهدها ، الحريصين على أمنها ووحدتها واستقرارها الدعوات الصادقة بأن يحفظها الله ، ويأخذ بيدها نحو بر الأمان ، ويجنبها القلاقل والفتن ، وأن تخرج من هذه المحنة أقوى مما كانت. لقد تجلت عظمة مصر عبر التاريخ في رفضها الهزيمة ، وإصرارها على الانتصار ، وفي الانحياز لقيمها ، والدفاع عن كرامتها ومجدها ، والتصدي نيابة عن الأمة كلها للغزاة والعدوان ، وتضحياتها في الدفاع عن عروبة الأرض ورفعة الإسلام ، وتجلت عظمة الشعب المصري بنهوضه كلما جار عليه الزمان ، وإثباته دومًا بأنه شعب لا يهين ولا يحني الجبين . بلد بهذه المزايا وتلك الخصائص لا يمكن أن تنال منه الخطوب ، وشعب بهذه الخصال وتلك السجايا لا يمكن أن يهون. مؤشرات انفراج الأزمة التي بدأت تتوالى تباعًا عبر الحوارات والمشاورات بين مختلف مكونات الشعب المصري وتنظيماته ونائب الرئيس المصري السيد عمر سليمان تثبت أن الشعب المصري يتحلى بالقدرة على ضبط مشاعره في اتجاه تغليب مصالح الوطن ، وتؤكد من جديد على قدرة هذا الشعب على استشراف مستقبله وقدرته على صياغة ذلك المستقبل وفق أمانيه وآماله الوطنية من خلال رؤية شاملة للخروج من الأزمة . والأهم من ذلك عدم انصياعه للأصوات الخارجية المغرضة التي تحاول دس أنفها في خصوصياته تحت مبررات واهية لا يمكن تمريرها على شعبٍ واعٍ لا تنطلي عليه تلك المحاولات للاصطياد في الماء العكر.