عندما تواترت الأنباء عن تشكيل لجنة حكماء في مصر للتوصل إلى حلول متوازنة ترضي كافة الأطراف عبر المقترحات المستنيرة التي قدمتها، والتي تمنع أي قوى سياسية من سرقة منجزات شباب مصر، سادت موجة من التفاؤل لدى جموع الشعب المصري، لا سيما بعد أن حاولت بعض الجهات المدسوسة استغلال حركة الشباب تلك لتمارس (البلطجة) في الشوارع الخلفية، وتشيع أجواء الفوضى في البلاد من سلب ونهب وترويع للأهالي، وتعدٍّ على الممتلكات العامة والخاصة، لاسيما في ظل الجدل المتصاعد بين معارضين ومؤيدين للرئيس مبارك، بما أوجد الحاجة إلى الإسراع في التوافق على حل نهائي حتى لا ينقسم الشعب المصري إلى معسكرين، وبالتالي تنزلق البلاد إلى ما لا يُحمد عقباه. من هنا فإن اجتماع أعضاء لجنة الحكماء أمس مع نائب الرئيس المصري عمر سليمان شكّل بارقة أمل لنزع فتيل الأزمة التي يعني استمرارها تعريض أمن مصر إلى مخاطر حقيقية، إلى جانب مليارات الدولارات التي تخسرها يوميًّا نتيجة حالة الشلل الاقتصادي الذي تواجهه البلاد. المطلوب من كافة أبناء الشعب المصري إظهار تأييدهم الواسع لتلك المقترحات، والتوافق على أنه لابد من وضع أمن مصر واستقرارها وسلامتها فوق أي اعتبار، وأنه ينبغي على الشباب التعامل بإيجابية مع موقف الرئيس المصري بعدم البقاء في السلطة عقب نهاية فترته الحالية في سبتمبر المقبل، وبتعديل الدستور ومكافحة الفساد واحترام أحكام القضاء بشأن دعاوى التزوير في الانتخابات البرلمانية السابقة، وتعيينه نائبًا له، وأنه لابد أيضًا من إعطاء فرصة للحلول والمقترحات والمشاورات التي تجرى في غضون ذلك بين نائب الرئيس عمر سليمان ولجنة الحكماء، والحوار المرتقب بين ممثلي الشباب والحكومة الجديدة لإنهاء الأزمة، وسد الطريق أمام الدخلاء والمندسين الذين لا تهمهم مصلحة مصر، ومستقبل شعبها، بقدر ما يهمهم مصالحهم، وأطماعهم الشخصية، وإشعال نار الفتنة، وإذكاء روح الكراهية والعداء بين أبناء الوطن الواحد. المشهد المصري الراهن يدعو إلى الاطمئنان بأن الأمة بخير طالما ظل صوت الحكمة والتعقل يسود على أصوات الفتنة ودعاة الانقسام والفرقة، وأن الأمة بخير طالما ظل قلبها النابض، وضميرها الحي في أرض الكنانة بخير.