تمثل مصر ثقلا هائلا سواء داخل الشرق الأوسط بين الدول المحيطة بها، أو على المستوى الدولي، من حيث قدرتها على التأثير ودورها الهائل في العديد من القضايا وفوق كل ذلك تحكمها بأحد الممرات المائية في العالم. وإن كانت مصر حاليا تشهد مطالبا للتغيير وهو أمر مشروع للشعب أقرّ به الرئيس المصري حسني مبارك في خطابه الأخير، ولكن هذا التغيير لا يمكن أن يتم بشكله الصحيح إلا ضمن إطار الدستور وبشكل يضمن عدم حدوث أي فراغ في البلاد. ولقد بادرت الحكومة المصرية المشكلة من الرئيس مبارك إلى تحقيق العديد من مطالب المحتجين، فكان إعلان الرئيس عدم نيته للترشح، وتطمين المصريين على عدم وجود نية للتوريث، كما أعلن نائب الرئيس عمر سليمان تعديل مواد الدستور فيما أمر النائب العام المصري بوضع متهمين في الفساد قيد الحجز وتجميد أرصدتهم وحساباتهم البنكية. هذه الخطوات وما يتوقع أن يتلوها من خطوات أخرى هي محاولات جادة من الحكومة للإصلاح وتحقيق مطلب التغيير الذي يطالب به المحتجون في مصر. كما أن دعوة عمر سليمان نائب الرئيس جميع قوى المعارضة دون استثناء للحوار مع الحكومة للاتفاق على خطوات الإصلاح المطلوبة يمثل خطوة كبيرة من الحكومة نحو إنهاء الأزمة والحفاظ على الاستقرار في الشارع المصري وإنهاء حالة الفلتان التي يبدو أن البعض يريد لها الامتداد إلى ما لا نهاية. يجب على المحتجين في مصر إدراك جملة من الحقائق الهامة عندما يحددون مطالبهم من الحكومة، أولها أن مصر من المستحيل أن تترك دون قيادة ولو لفترة قصيرة، فهي تمثل هدفا للكثير من الطامعين الذين يراقبون حالة الميوعة السياسية في البلاد ويتحينون اللحظة لتحقيق مآرب لهم، والأهم أن مصر بموقعها ودورها لا تستطيع ترك العديد من القضايا التي تلعب فيها دورا محوريا معلقة لفترة من الزمن حتى ملء الفراغ في رأس الدولة حال حدوثه. لذا فالحفاظ على الاستقرار في مصر يجب أن يكون نقطة أساسية على أجندة أي معارض أو مؤيد في مصر، أما التغيير فهو يحدث بشكل واقعي، ولكن بعيدا عن الفوضى.