لا أحد يستطيع الجزم باختيار السيول يوم «الاربعاء» تحديداً للهطول بغزارة على جدة وأماكن أخرى كثيرة في المملكة والمتأمل في تاريخ السيول يهوله هذا الكم المعتبر منها الذي وصل إلى حد ربط الكثيرين بين «الأربعاء» و»السيول» وعلى سبيل المثال لا الحصر ووفقاً لمراجع عديدة فقد شهد الأربعاء الرابع عشر من ذي القعدة من عام 687ه كما يقول الشيخ محمد طاهر الكردي المكي في كتابه «التاريخ القديم لمكة وبيت الله الكريم وتحديداً في صفحة 196 «لقد أخرب السيل في هذا اليوم الكثير من البيوت ولم يعهد هذا السيل لا في الجاهلية ولا في الإسلام. وفي يوم الاربعاء 16/9/925 هطل سيل داخل مكة وخارجها تحديداً في فترة العشاء واستمر لمدة ساعة. وفي الاربعاء الموافق 15/5/983ه نزل سيل كبير آخر اطلقت عليه مسميات عديدة منها «سيل طافح» و»السيل المخيف» حيث دخل المسجد الحرام حتى وصل الماء الى قفل الكعبة المشرفة وملأ المطاف حتى غطى الحجر الاسود، وذلك وفقاً للدكتور هشام فوزي عبدالعزيز في كتابه «السيول في مكةالمكرمة بين عامي 922 و1099». ولعل من اشهر سيول الاربعاء ايضا ذلك السيل الذي داهم الحرم المكي الشريف في عهد السلطان العثمان مراد خان حيث هطلت الامطار حينها على مكةالمكرمة بدءا من الساعة الثانية صباحاً بالتوقيت الغروبي من يوم الاربعاء 19 شعبان 1039 هجرية وأدت الى دخول السيول الى الحرم المكي وارتفع على اثرها منسوب المياه حتى غطى نصف جدار الكعبة المعظمة. هذه السيول حينها أدت الى سقوط الجدار الشامي من الكعبة وسرت حينها ردود فعل كثيرة ومتسارعة وتم ايداع قناديل الكعبة في بيت السادن محمد بن ابي القاسم الشيبي حتى اعادة ترميم الكعبة الشريفة (كتاب عمارة الكعبة المشرفة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ال سعود، صفحة 25). وفي عام 1360ه حدث سيل شديد تم تسميته بسيل»الربوع» نسبة الى تاريخ وقوعه يوم الاربعاء ربيع الأول 1360ه ووصفه العميد جميل ألطف في حوار مع جريدة الندوة يوم الاثنين جمادى الآخرة عام 1414ه بأن الحرم المكي الشريف كان كالبحيرة بسبب السيول والناس يعومون فيه وقال بأن ارتفاع الماء وصل الى مترين بالاضافة الى ان هذا السيل تم توثيقه في عدة مراجع بمسمى «سيل الربوع» كما ذكر في كتاب التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم للشيخ محمد طاهر الكردي. وفي يوم الاربعاء الخامس من شهر شعبان عام 1384 هجرية أتى سيل غزير على منطقة مكة وكان اقوى واقوى من السيول التي سبقته في اعوام 1376، و1382ه ولكن لم يحصل منه ضرر بحسب ما ذكر في كتاب «التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم صفحة 200».هذا عن التاريخ القديم اما حديثا فقد اختارت السيول يوم الاربعاء في اعوام 1364، 1384، 1387، 1431، 1432ه. توارد الحوادث الباحث الفلكي الدكتور خالد بن صالح الزعاق عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك يتحفظ على الربط بين السيول والأربعاء قائلا: نحن البشر في شتى أقطارنا وعلى اختلاف مشاربنا ومعتقداتنا نكاد نجمع على أن بعض الأمور تتوارد لكننا لا نفهم سرها أو كنهها فنعتبر ذلك لغزاً , وعند التأمل والتمحيص في بعض الأمور نجد أن تزامن الحوادث واتفاقها في زمن معين راجع إلى عوامل نفسية فتصبح لا لغزاً ولا غموضاً , , وعلى سبيل التمثيل ما يلي: يتساءل البعض عن سبب كثرة الأموات في وقت طلوع الشمس , والإجابة على ذلك وما نعتبره أمراً غير مفهوم هو ابسط مما نتصور , فالأموات يقضون خلال ساعات النهار والليل برتابة لا تدعوا إلى الغرابة فرحى المنون لا تفرق بين ليل ولا نهار ففي كل ساعات الليل أو النهار يموت أشخاص بعدد معين يكاد يكون متقارباً , ففي طول النهار وكذلك في النصف الأول من الليل لا يجدون في ذلك غرابة إلا أنهم ينامون النصف الأخير من الليل وخلال ساعات نومهم يموت أناس بنفس الرتابة , إلا أن ما يشذ في الأمر هو أن الناس في نومهم لا يعلمون عم من مات فإذا صحوا م سباتهم وجدوا أن الأموات مكدسة أعدادهم فيظنون أن سبب ذلك هو طلوع الشمس. الكثرة ليست مقياساً يضيف الزعاق: أمر آخر في جميع أيام لسنة وخلال فصولها الأربعة كثير من الأيام يتعكر فيها الجو لكن الناس لا يلحظون ذلك لانشغالهم في أمورهم المعاشية , لكنهم ينون في يوم الإجازة لقضاء فسحة أو متعة يجدون الجو مكفهر أو على الأقل ليس كما يزعمون فيظنون أن يوم الإجازة الأسبوعية دائماً هو الذي يتعكر فيه الجو حتى صار هذا الأمر راسخاً في أذهان الناس ومن ذلك أيضا سؤال يقول: ما هو سبب كثرة المطر في اليوم المطير الساعة السابعة صباحاً , قبل السابعة الناس في بيوتهم لا يلحظن هطول المطر وفي الساعة الثامنة الطلاب في مدارسهم والموظفون في مقار عملهم لا يعرفون شيئاً عن مطر يهطل في الخارج , لكن هؤلاء في الساعة السابعة صياحاً جرجوا من بيوتهم طلاباُ وموظفين فيلحظون هطول المطر في هذا الوقت فيظنون أن هطول المطر يكثر في الساعة السابعة صباحاً في اليوم المطير ويمضي قائلا عن كثرة حوادث الخسوفات والكسوفات , يظن بعض الناس أن الخسوفات والكسوفات كثرت في هذا الزمن , والصحيح أن عدد الخسوفات والكسوفات تسير على وتيرة واحدة منذ خلق الله الكون وحتى يرثه لا تزيد ولا تنقص عن المقدر لها , والسبب ألذي جعل الناس يضنون أن هذه الحوادث كثرة في هذا الزمن هو الإخبار عنها عبر وسائل الإعلام , ففي السابق لا يعرف الناس الكسوفات والخسوفات إلا ما يقع أمام أعينهم وفي هذا الزمن يخبر عن هذه الحوادث قبل وقوعها ومكان حدوثها أخيرا يشير الدكتور الزعاق الى ان هناك حوادث توارد زمن وقوعها في يوم واحد من الأسبوع وعلى سبيل التمثيل كارثة جدة فقد حدثت في يوم الأربعاء 8 ذو الحجة 1429ه وتكرر حدوثها في يوم الأربعاء 22 صفر 1432ه , وكارثة مكة فقد حدثت في يوم الأربعاء 12 ذو الحجة 1425ه ويقال أن هناك كوارث حدثت على مكة في يوم الأربعاء في عام 1360ه و عام 1376ه وعام 1388ه وبعد البحث والتقصي وجدت أنه لم يثبت علمياً بأن هناك علاقة بين الأيام وهطول المطر , فتقسيم وتسمية الأيام صناعة بشرية وهطول الأمطار ناموس كوني , ولا يوجد علاقة وطيدة بين السنن الكونية والسلوك البشري هذا من جانب ومن جانب آخر وجدث أن ما ذكر عن كوارث مكة في العقود الماضية وأنها حدثت في فقط يوم الأربعاء غير صحيح , فعند الرجوع إلى تواريخ كوارث مكة وجدت أنها لم تختص في يوم الأربعاء فقط من أيام الأسبوع , وقد حدثت في جميع أيام الأسبوع , إلا أن البعض تعمد اختيار الكوارث التي حدثت في يوم الأربعاء بشكل انتقائي لتتوافق مع كارثة جدة.