تحول ميدان التحرير في قلب القاهرة الى ساحة حرب فعلية طوال بعد ظهر الاربعاء، كانت "الجبهة" فيها امام متحف القاهرة، في حين اقتصر السلاح على الحجارة والقضبان الحديدية وبعض قنابل المولوتوف، فكانت النتيجة مقتل شخص واصابة اكثر من 600 بجروح. فيما ربط نائب الرئيس المصري عمر سليمان الحوار مع القوى السياسية بالامتناع عن التظاهرات وعودة الشارع المصرى للحياة الطبيعية. وبدأت الاشتباكات مع تمكن مئات من المشاركين في تظاهرة حاشدة مؤيدة للرئيس مبارك ضمت اكثر من 20 الف شخص من الوصول الى مشارف الميدان من جهة المتحف المصري قادمة من شارع جامعة الدول العربية في الجيزة. وقام هؤلاء، الذين يؤكد عدد من المحتجين المناهضين لمبارك "انهم من رجال الامن وبلطجية الحزب الوطني الحاكم"، بقذف المحتجين بالحجارة وقطع الحديد الصغيرة وذلك قبل وصول مجموعة ثانية من انصار مبارك تتقدمهم خيول وجمال هاجموا المتظاهرين بالعصي والحجارة. وبعد ان تمكن انصار الرئيس مبارك من اقتحام قسم من ميدان التحرير، شن المحتجون هجوما مضادا مكنهم من صدهم ودفعهم باتجاه المتحف وضبطوا منهم ثمانية احصنة. عندها تحولت المنطقة من ميدان التحرير المجاورة للمتحف الى ساحة حرب فعلية يتبادل فيها مئات الاشخاص من كل جهة القذف بالحجارة وكل ما وصلت اليه ايديهم. وحاول الشبان عند خط "الجبهة" حماية رؤوسهم من الحجارة بقطع من الكرتون او الصفيح واحيانا بلف ثيابهم على رأسهم. الا ان كل هذه الاحتياطات لم تنفع ونقل المئات منهم الى "الخطوط الخلفية" لتلقي العلاج. في الوقت نفسه كان المئات يعملون بقضبان حديدية انتزعوها من السياج الحديدي المحيط بالساحة على انتزاع حجارة الارصفة لنقلها الى "الجبهة" في حين كان بعضهم يتوجه الى "الخطوط الخلفية" لحض المترددين على المشاركة في "المعركة"، وعندما كان المحتجون يتمكنون من "أسر" احد انصار الرئيس مبارك كانوا يشبعونه ضربا قبل ان يسلموه الى اقرب مركز للجيش المصري. وشوهدت مجموعة من المتظاهرين وهي تقود شابا يؤكدون انهم قبضوا عليه وقاموا بعرض كيس يحوي مجموعة من السكاكين، اكدوا انها كانت معه، اضافة الى زجاجة بنزين قالوا انه كان يستخدمها لصنع قنابل مولوتوف، واكد احد المتظاهرين ان "احد البلطجية عثر معه على بطاقة تثبت انه رجل امن". كما اخذ المحتجون يضربون على الحديد تعبيرا عن غضبهم ويدعون باقي المحتجين الى التقدم لدعم زملائهم في الخطوط الامامية، وطوال اربع ساعات على الاقل كان الجرحى يتساقطون كل دقيقة تقريبا، ويسحب الجريح الى "الخطوط الخلفية" لمعالجته في مستوصفات ميدانية اقيمت في الساحة. واللافت في هذه المواجهات الغياب التام لعناصر الجيش، حتى ان الدبابات المتواجدة على اطراف الميدان بقيت مكانها فيما غادرها الجنود. وعلم من مصادر طبية ان ثلاثة مستشفيات استقبلت الجرحى في القاهرة هي القصر العيني والهلال واحمد ماهر. وافادت المصادر نفسها ان اثنين من المصابين على الاقل في حالة خطرة، ومعظم هؤلاء الجرحى مصابون في رؤوسهم وعيونهم. وذكر التلفزيون الرسمي ليل الاربعاء ان شخصا قتل في ميدان التحرير قال انه مجند من دون ان يوضح ملابسات مقتله.كما نقل التلفزيون عن مصدر طبي ان عدد الجرحى وصل الى 610. وقال الطبيب العميد المتقاعد في الجيش احمد الملاح وهو يغادر المكان "لقد قتلوا الحركة الاعتراضية"، لكنه اكد انه سيعود الى الميدان في حال الدعوة لأي تظاهرة جديدة. واتهمت ثلاث مجموعات احتجاجية رجال شرطة يرتدون ملابس مدنية باقتحام الميدان "لترويع" المتظاهرين. وقال بيان لحركة 6 ابريل وحركة كفاية وتيار التجديد الاشتراكي تلقته فرانس برس ان "عناصر من الامن بملابس مدنية وعددا من البلطجية اقتحموا ميدان التحرير وقاموا بترويع المتظاهرين بهدف اظهار ان الشعب المصري منقسم". ودعا البيان "اصحاب الضمائر الحية في العالم الى حماية الثورة المصرية". وتمكن بعض الموالين لمبارك من الصعود الى سطح بناية مطلة على الميدان واخذوا يلقون منه قطعا ضخمة من الحجارة على المتظاهرين، كما سمعت طلقات نارية مصدرها شارع مؤد الى الساحة. وتوجه نائب الرئيس المصري عمر سليمان بنداء إلى جموع المصريين للاستجابة لمناشدة القوات المسلحة بالعودة إلى مساكنهم والالتزام بتعليمات حظر التجوال دعما لجهود الدولة من أجل استعادة الهدوء والاستقرار واحتواء ما ألحقته التظاهرات بمصر من أضرار وخسائر منذ الأسبوع الماضي وعودة المواطنين لأعمالهم وحياتهم اليومية واستئناف الدراسة بالجامعات والمدارس وقال سليمان ، في بيان له أذيع على التليفزيون المصري مساء أمس ، إن المشاركين فى هذه التظاهرات قد أوصلوا رسالتهم بالفعل سواء من تظاهر منهم مطالبا بالإصلاح بشتى جوانبه أو من خرج معبرا عن تأييده للسيد رئيس الجمهورية ولما جاء بكلمته لأبناء الشعب مساء أمس، واختتم نائب الرئيس المصري نداءه بتأكيد أن الحوار مع القوى السياسية الذى يضطلع به بناء على تكليف السيد الرئيس يتطلب الامتناع عن التظاهرات وعودة الشارع المصرى للحياة الطبيعية بما يتيح الأجواء المواتية لاستمرار الحوار ونجاحه.