في الوقت الذي رزقت «جدة» بملكٍ عظيم، لا يتردد في تحمل المسؤولية كاملةً أمام الله تعالى ثم أمام شعبه، وأمير منطقة «فيصلي» لايتوانى عن تنفيذ أوامره بحذافيرها، والبدء فوراً في الحلول الجذرية وعدم الالتفات للمسكنات مرةً أخرى، فقد «رزئت» جدة ببعض مسؤولي «الترزز»، يفهم الذكاء الإداري على أنه: فن التملص من المسؤولية، واختراع شماعاتٍ بالية يعلِّقُ عليها تقصيره كل مرة! فبعد أن نسبت إلى «بعضهم» دعواته المستجابة لأن ينزل المطر، ليرى الناس استعدادنا له فينكسر حاجز الخوف لديهم؛ جاء «البعض» ليصرِّح بأن كمية المياه كانت أكبر من كل المشاريع العملاقة! ويضيف: «كارثة جدة اليوم مفاجئة ومختلفة عن العام الماضي: العام الماضي «فوجئنا» بالسيول، أما اليوم فقد «فوجئنا» بالتجمعات المائية»! والحمد لله أنه لم يعد في «جدة» مايخشى عليه من مفاجآت التصريحات في العام القادم؛ فمهما كانت الكارثة القادمة فلن تكون إلا مصداقاً للمثل الحجازي الشهير: «ضربوا الأعمى على عينه قال خسرانة خسرانة»! أما مسؤولو الدفاع المدني فيحمد لهم أنهم كانوا في المعمعة حقاً، بحيث لم يشاهدوا الصور التي تخالف كلامهم تماماً: «الأمر تحت السيطرة»... سيطرة من؟ سيطرة السيول أم «التجمعات»؟! و»الطائرات تقوم بإنقاذ مئات المحتجزين»، وهي ليست إلا ست طائرات مضطرةً لإنقاذ «الأهم فالأهم»! وبدل أن يعترفوا بقلة إمكاناتهم، وضعف استعداد أفرادهم، حيث اضطر بعضهم للطفو ب»كرشه»، لم يتورع «بعضهم» عن تدبيج عبارات المدح الفج للقائمين عليه، وكأنهم يقدمون هباتٍ و»شرهاتٍ»، وليست حقوقاً واجبةً ومفروضةً عليهم! وليست الصور وحدها التي تناقض التصريحات «غير المسؤولة» من البعض، بل إن الأكاديمي الحقوقي المعروف الدكتور/ «سعود كاتب» قال لقناة ال» bbc» العربية، في نشرة العاشرة مساء الخميس التالي للأربعاء الأسود: «أين هي الجهات التي تزعم أنها متواجدة في مواقع الكارثة؟ لقد قطعت الطريق من الجامعة في شرق جدة، إلى منزلي في أقصى شمالها، ولساعات طويلة لم أرَ آليةً واحدةً من الجهات التي قيل إنها تقوم بالإنقاذ»؟ ومن حسن حظ الدكتور/ «سعود» أنه لم يتابع تلفزيوننا العزيز وهو يعرض أغنية «النغري النغري ياهووه»، فلما حان موعد «مسلسلة الأخبار المعتادة»، إذا بالمذيع يقول لمسؤول كبيرٍ: صف لنا الموقف كما تراه! وكأننا في حصة تعبير في كتاتيبنا ال...لحظة لحظة.. لقد وصلنا الآن من «كوكب التربية والتعليم» رسالة قطعت مئات السنين الضوئية تقول: «الوزارة تعلق الدراسة! والوزارة تشكل «لجنةً» لصيانة المدارس المتضررة! والوزارة ستدرب منسوبيها على مواجهة الأزمات»! أما الأزمات فلا أكبر من انتسابهم للكوكب الضاحك! ولكن أين هي «اللجمة» من ال 91% من المباني الحكومية التي اعترفت الوزارة بعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمي من غير كوارث؟ وأين هي كاميرا «خواطر أحمد الشقيري» من دعاء صغارنا تحت المطر: «اللهم زد وبارك وحطِّم المدارس»؟ وتحسبونه هيِّناً وهو عند الله عظيم! [email protected]