مضت سنة على كارثة أربعاء 8 ذو الحجة 1430ه ثم تتكرر كارثة يوم الأربعاء 24صفر 1432ه. أسمع كثيرًا من التعليقات على قصور الجهات المنفذة لمشروعات تصريف مياه السيول. ولكنني لا أرى ذلك سببًا وراء الكارثة. بل إنني سأذكر لكم سببًا أغرب وأشنع من ذلك، وهذا ما أثبتته الأيام وأثبتته الكوارث التي تقع. طبعًا استبعد الفساد المالي لأن أعمال جهات تنفيذ مشروعات تصريف السيول، هذه الأعمال أصبحت تحت المراقبة وبنظر المسؤولين والأهالي. لكن تأملوا معي كيف جرت الأمور منذ سنة تقريبا. جاء أمر خادم الحرمين سريعًا وصارمًا. ثم ماذا فعلت الجهات المعنية. تتبعوا معي المسار الزمني للاستجابة لجان صرف التعويضات أخذت أكثر من ستة أشهر لاتمام أعمالها. الأمانة استغرقت أكثر من خمسة أشهر (لحصر المخططات في مجاري الأودية). إدارة الدفاع المدني أجرت تجربة فرضية واحدة لحالات سيول بعد أحد عشر شهرا. القضاء حتى الآن لم يبت في القضايا التي حصرتها لجنة تقصي الحقائق. الأمانة وشركة المياه لا زالت تدرس أنسب الحلول لتصريف السيول. وزارة المالية تستلزم إجراءات مطولة في صرف الاعتمادات المالية التي أقرتها هي. إجراءات طرح المشروعات ومن ثم اعتماد المقاولين عقيمة وتأخذ من الطرح إلى بداية التنفيذ أكثر من أربعة أشهر. ثم بعد ذلك انظروا معي كيف تكون الحلول والأفكار الجديدة التي تقدمها الجهات. اجتهادات عشوائية تنفذها الجهة لتقوم فيما بعد بإلغائها أو تغييرها. مثل مجرى السيل القديم، والحال ينطبق في معظم الجهات. اقتراحات بلا دراسات وتكون خبط عشواء. إذن، أرى أن المشكلة هي في كسل وبطء الجهات. وهذا مرده إلى تهاون الموظف في إنجاز أعماله في أقصى سرعة ممكنة. إننا نعمل بلا اهتمام بالوقت. وإلا لما أخذت الأمانة كما ذكرت خمسة أشهر لحصر المخططات التي في مجاري الأودية. ولا أخذت لجان صرف التعويضات أكثر من ستة أشهر. . ولكنهم جميعًا اتفقوا على الترهل والكسل وإهمال عامل الوقت. الأمر الأخير، هو تفخيم الذات. فأغلب الجهات تعتقد أنها أوجدت الحلول المثلى. وأنهم وصلوا إلى الأفكار التي لا يعلوها أي فكر. وينسون أن فوق كل ذي علم عليما. فلذلك تأتي الحلول أو التجارب الفرضية عقيمة تضر أكثر من أن تنفع. وأرى، أن تقوم وزارة المالية بتكليف جهات ذات خبرة مثل شركة أرامكو أو التعاقد المباشر مع شركات أمريكية كبرى، واشتراط وقت محدد لها. حتى لا تأتي السنة القادمة وتتكرر الكارثة. لأنها ستأتي السنوات القادمة لا سمح الله ولا زالت الأمانه تحصر الأماكن المتضررة وتفكر في أحسن الاستراتيجيات. ولا زالت لجان صرف التعويضات تتأكد من قوائمها. ولا يزال القضاء يدرس القضايا. وستستمر هذه سنوات لأن الوقت أصلًا ليس ذا أهمية. محمد إبراهيم الشريف -جدة