في القراءة الصعبة للأزمة اللبنانية التي ما أن تقترب من الانفراج حتى يأتي طرف من الأطراف اللبنانية التي تغير تحالفاتها بين الحين والآخر بعيدًا عن مصلحة لبنان الوطن والقضية والمصير ، كي يعيدها إلى المربع الأول ، في مثل هذه القراءة لتطورات الأزمة يبدو من الواضح أن محاولات اختيار رئيس جديد للحكومة قد وصلت إلى طريق وعر ، وأنها ستصطدم بصعوبات جديدة على إثر التحالفات الأخيرة التي باتت تحمل مؤشرات على أن لبنان بات يواجه مخاطر حقيقية تهدد استقراره ووحدته وسلمه الأهلي، لا سيما وأن هذا التطور تزامن مع إعلان رئيس المحكمة الخاصة في لبنان السابع من فبراير المقبل موعدًا لجلسة استماع علنية لمناقشة أسئلة قاضي الإجراءات التمهيدية بشأن القرار الاتهامي الخاص بقضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. ما يدعو إلى القلق أنه حتى لو تخطى لبنان أزمة تشكيل الحكومة ، فإنه سيواجه الأزمة الأكثر خطورة عند الكشف عن القرار الاتهامي والإعلان عن المتورطين في تلك الجريمة الإرهابية. في هذه المرحلة الحرجة من تطورات الحدث اللبناني ، من المهم أن يُدرك الفرقاء اللبنانيون أغلبية ومعارضة أن حلّ الأزمة أصبح مرهونًا بالدرجة الأولى بمدى إدراكهم لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم ، وهو ما يعني أن أي تقصير أو تنصل للقيام بأعباء تلك المسؤولية سيضع لبنان أمام هاوية التقسيم والانقسام مرة أخرى. الفرقاء اللبنانيون مطالبون أيضًا بأن انحيازهم إلى مصلحة الوطن يرتبط أيضًا بمدى تجاوبهم مع المساعي العربية بالدرجة الأولى وهو ما يقتضي منهم أولاً وقبل أي شىء إيجاد الأرضية المشتركة التي تسهل الوصول إلى التوافق الذي يضمن مصالح الوطن ، بدءًا من المشاورات الخاصة التي تجريها الكتل النيابية لتشكيل حكومة وحدة وطنية على الأسس التي تضمنتها تلك المبادرة ، والأخذ بعين الاعتبار أن أي خروج عن هذا المسار يعني انفلات الكوابح التي تعمل على حل الأزمة ، والحيلولة دون خروجها عن السيطرة الذي يعتبر الخروج إلى الشارع مؤشره الأول، والشرارة التي يحرص كل من تهمه مصلحة لبنان وأمنه واستقلاله واستقراره على أن لا تندلع.